{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ}: الأصل (١) في أشياء على مذهب الخليل وسيبويه: شيئاء بوزن: لفعاء بهمزتين بينهما ألف، وهي فعلاء من لفظ شَيء، وهمزتها الثانية للتأنيث، وهي اسم جمع، كطرفاء وحلفاء، ولأجل همزة التأنيث لم تنصرف، ثم إن الهمزة الأولى التي هي لام الكلمة قدمت، فجعلت قبل الشين كراهية الهمزتين بينهما ألف، خصوصًا بعد الياء، فصار وزنها لفعاء، وهذا قول صحيح لا يرد عليه إشكال. ومذهب غيرهما: أنها جمع، واختلفوا فقال الكسائي وأبو حاتم: هو جمع شيء من غير تغيير؛ كبيت وأبيات، وهو غلط؛ لأن مثل هذا الجمع الذي كان على وزن أفعال ينصرف، وأشياء لا تنصرف لأجل ألف التأنيث، ولو كان وزنه أفعالًا لانصرفَ، ولم يسمع أشياء منصرفة ألبتة. وقال الكسائي: لم تنصرف أشياء لشبه آخرها بآخر حمراء، ولكثرة استعمالها، والعرب تقول: أشياوان كما تقول: حمراوان. وذهب الفراء والأخفش إلى أنها جمع على وزن أفعلاء، قال الفراء: شيء مخفف من شيء كما قالوا: أهوناء في جمع هين مخفف من هين. وقال الأخفش: ليس مخففًا من شيء، بل هو فعل جمع على أفعلاء، فاجتمع في هذين القولين همزتان: لام الكلمة وهمزة التأنيث، فقلبت الهمزة التي هي لام الكلمة ياء؛ لانكسار ما قبلها، ثم حذفت الياء التي هي عين الكلمة استخفافًا. وذهب قوم إلى أنَّ وزن شيء في الأصل شييىء، كصديق وأصدقاء، ثم حذفت الهمزة الأولى، وفتحت ياء المد؛ لكون ما بعدها ألفًا. قال: ووزنها في هذا القول: أفياء، وفي القول الذي قبله: أفلاء، وتقرير هذه المذاهب صحة وإبطالًا مذكور في علم التصريف.
{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ}: البحيرة فعلية بمعنى: مفعولة، فدخول تاء التأنيث عليها لا يقاس، ولكن لما جرت مجرى الأسماء الجوامد .. أنثت، واشتقاقها من البحر، والبحر: السعة، ومنه: بحر الماء لسعته.