للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تخصيص (١) بعد التعميم، وتخصيص عيسى من بين الرسل؛ لاختلاف طائفتي اليهود والنصارى فيه إفراطًا وتفريطًا؛ هذه تجعله إلهًا، وهذه تجعله كاذبًا. وقيل: هو منصوب باذكر. و {قَالَ} (٢) هنا بمعنى المضارع؛ لأن هذا القول يقع يوم القيامة مقدمة لقوله: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.

وعبارة (٣) "البيضاوي" هنا: {إِذْ قَالَ اللَّهُ} بدل من {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ}، والماضي بمعنى الآتي على حد، {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} في أن الماضي أقيم مقام المضارع، وفي أن إذ واقعة موقع إذا التي للمستقبل لتحقق الوقوع، فكأنه واقع، أو نصب بإضمار اذكر. انتهت؛ أي: اذكر يا محمد لأمتك قصة إذ يقول الله سبحانه وتعالى لعيسى ابن مريم يوم القيامة {اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ}؛ أي: تذكر إنعامي عليك بما سيأتي {و} إنعامي {عَلَى وَالِدَتِكَ} وأمك مريم إذ أنبتها نباتًا حسنًا، وطهرتها واصطفيتها على نساء العالمين، ورزقتها من حيث لا تحتسب. ذكَّره (٤) سبحانه وتعالى نعمتهُ عليه وعلى أمه مع كونه ذاكرًا لها عالمًا بتفضل الله سبحانه بها؛ لقصد تعريف الأمم بما خصهما الله تعالى به من الكرامة، وميزهما به من علو المقام، أو لتأكيد الحجة وتبكيت الجاحد بأن منزلتهما عند الله هذه المنزلة، وتوبيخ من اتخذهما إلهين ببيان أن ذلك الإنعام عليهما كله من عند الله تعالى، وأنهما عبدان من جملة عباده منعم عليهما بنعم الله سبحانه، ليس لهما من الأمر شيء، وليس المراد بأمره بالذكر يومئذ - أي: يوم القيامة - تكليفه شكرها، والقيام بواجبها؛ إذ ليس هناك تكليف، بل المراد توبيخ الكفرة المختلفين في شأنه وشأن أمه إفراطًا وتفريطًا. انتهى "أبو السعود".

وقوله: {إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ}: ظرف للنعمة؛ لأنها بمعنى المصدر؛ أي: اذكر إنعامي عليك وقت تأييدي إياك بروح القدس؛ أي: بجبريل الأمين؛ أي: إذ قويتك وأعنتك بروح القدس؛ أي: بجبريل المطهر من أوصام الآثام حين لقنك وأعانك في تكليم الناس في المهد، وثبتك في إقامة الحجة عليهم في


(١) الشوكاني.
(٢) الجمل.
(٣) البيضاوي.
(٤) الشوكاني.