للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{نِعْمَتِي} وقال الحسن: المراد بذكر النعمة الشكر، فأما النعمة: فلفظها لفظ الواحد، ومعناها الجمع، ولكن هنا مصدر بمعنى الإنعام. {إِذْ أَيَّدْتُكَ}: قويتك، مأخوذ من الأيد، وهو القوة، يقال: آد يئيد أيدًا وآدًا إذا اشتد وقوي وصلب، وأيد تأييدًا - من باب فعَّل المضعف - فهو مؤيد، وذاك مؤيد، وآيَد مؤايدة، فهو مؤيد وذاك مؤيد - من باب أفعل الرباعي - إذا قواه وأثبته، وتأيد - من باب تفعل - إذا تقوى، والإياد: ما أيد به الشيء ويقال: إيادا الجيش: جناحاه؛ أي: ميمنته وميسرته، والجبل الحصين، والأيد: القوي.

{فِي الْمَهْدِ}: والمهد: الموضع يهيأ ويوطأ للصبي، يجمع على مهود كفلس وفلوس، ومعنى: {تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ}؛ أي: صغيرًا في المهد {وَكَهْلًا}؛ أي: كبيرًا في زمن الكهولة. وحكى (١) ثابت بن أبي ثابت: أن الكهل ابن أربعين إلى الخمسين، وقال غيره: ابن ثلاث وثلاثين.

{كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} الطير: اسم جنس لطائر، وقال الخليل: الأكمهُ الذي يولد أعمى، وقد يقال لمن تذهب عينه بعد ما كان يبصر.

{يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} تقدم (٢) الكلام في اشتقاق هذه المفردات ومعانيها، وابن: صفة لعيسى، نصب لأنه مضاف، وهنا قاعدة كلية مفيدة؛ وذلك أن المنادى المفرد المعرفة الظاهر الضمة إذا وصف بابن أو ابنة، ووقع الابن أو الابنة بين علمين، أو اسمين متفقين في اللفظ، ولم يفصل بين الابن وبين موصوفه بشيء .. تثبت له أحكام، منها: أنه يجوز إتباع المنادى المضموم لحركة نون ابن، فيفتح نحو: يا زيد ابن عمر، ويا هندَ ابنة بكر. بفتح الدال من: زيد وهند، وضمها، فلو كانت الضمة مقدرة مثل ما نحن فيه .. فإن الضمة مقدرة على ألف عيسى، فهل يقدر بنائها على الفتح إتباعًا كما في الضمة الظاهرة؟ فيه خلاف، والجمهور على عدم جوازه؛ إذ لا فائدة في ذلك، فإنه إنما كان للإتباع، وهذا المعنى مفقود في الضمة المقتدرة، وأجاز الفراء ذلك؛ إجراءً للمقدر مجرى


(١) إعراب النحاس.
(٢) الفتوحات.