بدينهم، ومروقا عن سنّة نبيّهم، ورفضا لسير الصّالحين فيه من سلفهم، ونزوعا إلى ما يزيّن لهم الشيطان من أعمالهم، وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعهم، فهم في غيّهم يتردّدون، وبكتاب الله يتلاعبون، فإنا لله وإنّا إليه راجعون. لكن قد أخبر الصادق المصدوق: أنّ ذلك يكون، فكان كما أخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلم. ذكر الإمام الحافظ، أبو الحسن رزين، وأبو عبد الله، الترمذيّ الحكيم في «نوادر الأصول»، من حديث حذيفة: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «اقرأوا القرآن بلحون العرب، وأصواتها، وإيّاكم ولحون أهل الفسق، ولحون أهل الكتابين، وسيجيء بعدي قوم يرجّعون بالقرآن ترجيع الغناء، والنّوح لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم».
اللّحون: جمع لحن: وهو التّطريب، وترجيع الصوت، وتحسينه بالقراءة، والشعر، والغناء، قال علماؤنا: ويشبه أن يكون هذا الذي يفعله قرّاء زماننا بين يدي الوعّاظ، وفي المجالس من اللّحون الأعجميّة، الّتي يقرؤون بها، ما نهى عنه رسول الله صلّى الله
عليه وسلم.
والترجيع في القراءة: ترديد الحروف، كقراءة النصارى.
والترتيل في القراءة: هو التّأنيّ فيها، والتمهّل، وتبيين الحروف، والحركات؛ تشبيها بالثغر المرتّل، وهو المشبه بنور الأقحوان، وهو المطلوب في قراءة القرآن، قال تعالى:{وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}. وسئلت أمّ سلمة؛ عن قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وصلاته؟ فقالت:(ما لكم وصلاته)، ثمّ نعتت قراءته، فإذا هي تنعت قراءة