للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإنسان، وأنه لا تبديل لخلق الله .. فلا تكونن من الجاهلين لسننه في ذلك، فتتمنى ما تراه حسنًا نافعًا، وإن كان حصوله ممتنعًا؛ لكونه مخالفًا لتلك السنن التي اقتضتها الحكمة الإلهية. فإن شدة الحرص والحزن لإعراض الكفار عن الإجابة قبل أن يأذن الله بذلك، هو صنيع أهل الجهل، ولست منهم، فدع الأمور مفوضة إلى عالم الغيب والشهادة، فهو أعلم بما فيه المصلحة، ولا تحزن لعدم حصول ما يطلبونه من الآيات التي لو بدا لهم بعضها .. لكان إيمانهم بها اضطرارًا، أو المعنى: ولا تجزع على إعراضهم عنك، ولا يشتد تحزنك على تكذيبهم بك، فإن فعلت ذلك .. فتقارب حالك من حال الجاهلين الذين لا صبر لهم.

وخلاصة ذلك: لا تكونن بالحرص على إسلامهم والميل إلى الإتيان بمقترحاتهم من الجاهلين بدقائق شؤونه تعالى في خلقه.

الإعراب

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا}.

{وَمِنْهُمْ} الواو: استئنافية. {منهم}: جار ومجرور خبر مقدم. {مَنْ}: اسم موصول في محل الرفع مبتدأ مؤخر، والجملة الإسمية مستأنفة. {يَسْتَمِعُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {مَنْ}، ووحد الضمير في الفعل حملًا على لفظ {مَنْ} وما جاء منه على لفظ الجمع فعلى معنى {مَنْ} نحو: {مَّن يَسْتَمِعُونَ} و {مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ}، والجملة صلة الموصول. {إِلَيْكَ}: متعلق به. {وَجَعَلْنَا}: الواو: عاطفة. {جعلنا}: فعل وفاعل، والجملة الفعلية معطوفة على الجملة الإسمية المذكورة قبلها، أو مستأنفة مسوقة للإخبار بما تضمنته من الختم على قلوبهم وسمعهم، وجعلنا بمعنى: صيرنا يتعدى إلى مفعولين. {عَلَى قُلُوبِهِمْ}: جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بمحذوف مفعول ثانٍ لـ {جعلنا}. {أَكِنَّةً}: مفعول أول لـ {جعلنا}، والتقدير: وجعلنا أكنة مستقرة على قلوبهم. {أَنْ يَفْقَهُوهُ}: ناصب وفعل وفاعل ومفعول، والجملة الفعلية صلة {أَن} المصدرية، {أَن} مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بإضافة المصدر المقدر المنصوب على كونه