للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

دينار والحسن ونصر بن عاصم وأبو رجاء العطاردي: {بالغدوة}. وروي عن أبي عبد الرحمن أيضًا: {بالغدو} بغير هاء. وقرأ ابن أبي عبلة: {بالغدوات والعشيات} بالألف فيهما على الجمع.

وقوله: {مَا عَلَيْكَ} يا محمد {مِنْ حِسَابِهِمْ}؛ أي: من أمر حساب هؤلاء الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي الذين أردت أن تطردهم موافقة لمن طلب منك ذلك {مِنْ شَيْءٍ}، بل حسابهم على أنفسهم، ما عليك منه شيء {وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ}؛ أي: على هؤلاء الذين قصدت طردهم {مِنْ شَيْءٍ}، بل حساب أعمالك على نفسك لا عليهم، فعلام تطردهم؟ كلام معترض بين النهي وجوابه الآتي بقوله: {فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ}، وقوله: {فَتَطْرُدَهُمْ} جواب النفي في قوله: {مَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ} وهو من تمام الاعتراض؛ أي (١): إذا كان الأمر كذلك .. فأقبل عليهم، وجالسهم، ولا تطردهم مراعاة لحق من ليس على مثل حالهم في الدين والفضل، و {من} في قوله. {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ} للبيان، والثانية للتأكيد، وكذا في قوله: {وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ}.

والمعنى (٢): أي ما عليك يا محمد شيء من أمر حساب هؤلاء الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي، كما أنه ليس عليهم شيء من أمر حسابك على أعمالك، حتى يكون هذا أو ذاك في طردك إياهم بإساءتهم في عملهم، أو في محاسبتك على عملك، فإن الطرد جزاء، والجزاء إنما يكون على سيىء الأعمال، ولا يثبت ذلك إلا بالحساب، والمؤمنون ليسوا بعبيد للرسل، ولا أعمالهم الدينية لهم، بل هي لله تعالى، يريدون بها وجهه لا وجوه الرسل، وحسابهم عليه تعالى لا عليهم، والرسل هداة مرشدون لا أرباب مسيطرون: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)}.

وإذا لم يكن للرسل حق السيطرة على الناس ومحاسبتهم على أعمالهم الدينية .. فأجدر بالناس أن لا يكون لهم هذا الحق على أنبيائهم. والظاهر أن


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.