للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الضمائر كلها عائدة على {الَّذِينَ يَدْعُونَ} كما بينا في الحل، وقيل: الضمائر في {مِنْ حِسَابِهِمْ}، وفي {عَلَيْهِمْ} عائدة على المشركين. قال الزمخشري: والمعنى: لا يؤاخذون بحسابك، ولا أنت بحسابهم حتى يهمَّك إيمانهم، ويحركك الحرص عليه إلى أن تطرد المؤمنين، ذكره أبو حيان.

وقوله: {فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} جواب للنهي كما مرَّ أعني: قوله: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ}؛ أي: لا تطرد هؤلاء الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي .. فتكون بطردك إياهم في زمرة الظالمين؛ أي: من الذين يضعون الشيء في غير مواضعه معدودًا من جنسهم؛ لأن الطرد لا يكون حقًّا إلا على الإساءة في الأعمال التي يعملونها لمن له حق حسابهم وجزائهم عليها, ولست أنت بصاحب هذا الحق حتى تجري فيه على صراط العدل، فإن عملهم هو عبادة الله وحده، فحسابهم وجزاؤهم عليه كما قال نوح عليه السلام: {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣)}.

والخلاصة (١): أن هذه الآية الكريمة أفادت أربعة أشياء:

١ - أن الرسول لا يملك التصرف في الكون.

٢ - أنه لا يعلم الغيب.

٣ - أنه ليس بملك.

٤ - أنه لا يملك حساب المؤمنين ولا جزاءهم.

وعبارة "المراح" هنا: قوله: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}: الآية، معناه (٢): ما عليك من حساب رزق هؤلاء الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي شيء، فتملهم وتبعدهم، ولا من حساب رزقك عليهم شيء، وإنما الرازق لهم ولك هو الله تعالى، فدعهم يكونوا عندك، ولا تطردهم فتكون من الظالمين لنفسك بهذا الطرد، ولهم لأنهم استحقوا مزيد التقريب، وقيل: إن الكفار طعنوا في إيمان أولئك الفقراء، وقالوا: يا محمد إنهم إنما اجتمعوا عندك، وقبلوا


(١) المراغي.
(٢) المراح.