العرب لليوم الذي فيه شدة: يوم مظلم، ويوم ذو كواكب؛ أي: أنه قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل في ظلمته، وفي المثل؛ أي: رأى الكواكب ظهرًا؛ أي: أظلم عليه يومه لاشتداد الأمر فيه حتى كأنه أبصر النجم نهارًا.
{تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} التضرع: تفعل من الضراعة، وهو المبالغة في الضراعة، وهي الذل والخضوع، والمراد منه هنا: ما كان صادرًا عن الإخلاص الذي يثيره الإيمان الفطري المطوي في أنفس البشر. والخفية - بضم الخاء وكسرها -: الخفاء والاستتار. والدعاء قد يكون بالجهر ورفع الصوت مع البكاء، وقد يكون بالإسرار هربًا من الرياء، فتارة يجأر المرء بالدعاء رافعًا صوته متضرعًا مبتهلًا، وأخرى يسر الدعاء ويخفيه مخلصًا ومحتسبًا، ويتحرى أن لا تسمعه أذن، ولا يعلم به أحد، ويرى أنه يكون بذلك أجدر بالقبول، وأرجى لنيل المسؤول. والخفية - بضم الخاء وكسرها - كما مرَّ: اسم مصدر من أخفى الشيء يخفي إخفاء وخفية إذا ستره.
وقرأ الأعمش:{خِيفة} كما مرَّ بكسر الخاء وتقديم الياء الساكنة على الفاء، وهي من الخوف، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها وسكونها.
{وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ} والكرب: الغم الشديد، يأخذ بالنفس، ومنه رجل مكروب قال عنترة:
{أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا}؛ أي: يخلط أمركم خلط اضطراب لا خلط إتفاق، فيجعلكم فرقًا مختلفة لا فرقة واحدة. ومعنى خلطهم (١): إنشاب القتال بينهم، فيختلطوا ويشتبكوا في ملاحم القتال، كقول الشاعر: