للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأنه العضو الذي يعرف به الشخص، أو لأنه يطلق على الشخص كله {لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}؛ أي: للإله الذي خلق السموات والأرض، وأكمل خلقهن أطوارًا في ستة أيام، فهو خالق هذه الكواكب النيرات، وخالقكم وما تصنعون منه هذه الأصنام من المعادن والنباتات حالة كوني {حَنِيفًا}؛ أي: مائلًا عن الأديان الباطلة التي هي الشرك والخرافات إلى الدين الحق الذي هو التوحيد والإخلاص لله تعالى: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} بالله شيئًا من المخلوقات، وفي معنى الآية قوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، وقوله: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}.

وإسلام (١) الوجه له تعالى: توجه القلب إليه، وعبر عنه به؛ لأن الوجه أعظم مظهر لما في النفس من الإقبال أو الإعراض، والسرور أو الكآبة إلى نحو أولئك، وتوجيهه له: جعله يتوجه إليه وحده في طلب حاجته، وإخلاص عبوديته إذ هو المستحق للعبادة القادر على الأجر والثواب. ومراد إبراهيم أنه مائل عن معبوداتهم الباطلة وغيرها، فتوجهه وإسلامه خالص لا يشوبه شرك ولا رياء، وما هو من المشركين به، الذين يتوجهون إلى غيره من المخلوقات كالكواكب أو الملائكة أو الملوك أو ما يتخذ لهم من الأصنام والتماثيل. وظاهر ما حكاه الله عن إبراهيم عليه السلام أن قومه يتخذون الأصنام آلهة لا أربابًا، ويتخذون الكواكب أربابًا آلهة، والإله هو المعبود، وكل من عبد شيئًا .. فقد اتخذه إلهًا، والرب هو السيد المالك المربي المدبر المتصرف، وليس للخلق رب ولا إله إلا الله الذي خلقهم، فهو المالك لكل شيء، وفي كل زمن، وعلى كل حال، وملك غيره ناقص موقوت، فهو المعبود بحق، والعبادة: هي التوجه بالدعاء والتعظيم القولي أو الفعلي إلى ذي السلطان الأعلى، خالق الخلق والموجد له والمتصرف فيه.

والأصل (٢) في اختراع عبادة غير الله تعالى من حجر أو شجر أو شمس أو


(١) المراغي.
(٢) المراغي.