للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عَظِيمٍ (٤)}، وكذلك فضائله الموهوبة هي فيه أظهر وأعظم، فبعثته عامة للناس أسودهم وأحمرهم، وبه ختمت النبوة والرسالة، وكمال الأشياء في خواتيمها صلوات الله عليه وعليهم أجمعين. وبهذه (١) الآية استدل بعض العلماء على أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أفضل من جميع الأنبياء والمرسلين، وذلك لأن جميع الصفات الحميدة كانت متفرقة فيهم، فيلزم أنه - صلى الله عليه وسلم - حصلها ومتى كان الأمر كذلك .. وجب أن يقال: إنه - صلى الله عليه وسلم - أفضل منهم بكليتهم، فكان نوح صاحب تحمل الأذى من قومه، وكان إبراهيم صاحب كرم وبذل ومجاهدة في الله تعالى؛ وكان إسحاق ويعقوب صاحبي صبر على البلاء والمحن، وكان داود وسليمان من أصحاب الشكر على النعمة، وكان أيوب صاحب صبر على النبلاء، وكان يوسف جامعًا بين الصبر والشكر، وكان موسى صاحب الشريعة الظاهرة، وكان زكريا ويحيى وعيسى وإلياس من أصحاب الزهد في الدنيا، وكان إسماعيل صاحب صدق، وكان يونس صاحب تضرع، وكان سيدنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - جامعًا لجميع هذه الأخلاق الحميدة كلها، فكان أفضلهم ورئيسهم.

تنبيه: ذكر بعض العلماء أن الأنبياء المرسلين الذين ذكروا في القرآن، ويجب الإيمان بهم تفصيلًا خمسة وعشرون، هم الثمانية عشر الذين ذكرت أسماؤهم في هذه الآيات، والسبعة الآخرون هم: آدم - أبو البشر - وإدريس وهود وصالح وشعيب وذو الكفل وخاتم الجميع محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وعليهم أجمعين. وليس (٢) في القرآن نص قطعي صريح في رسالة آدم عليه السلام، بل مفهوم قوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} أن نوحًا أول نبي مرسل أوحى إليه رسالته وشرعه، وكذلك حديث الشفاعة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يجمع الله الناس يوم القيامة، فيهتمون لذلك، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا فأراحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم فيقولون: يا آدم، أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فاشفع لنا إلى ربك حتى تريحنا من مكاننا هذا، فيقول لهم آدم: لست هناكم، ويذكر ذنبه الذي أصابه،


(١) المراح.
(٢) المراغي.