للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اللين والرفق، ومنه قوله تعالى: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}. وأضاف (١) العذاب إلى الهون إيذانًا بأنه متمكن فيه، وذلك لأنه ليس كل عذاب يكون فيه هون؛ لأنه قد يكون على سبيل الزجر والتأديب كضرب الوالد ولده، ويجوز أن يكون من باب إضافة الموصوف إلى صفته، وذلك أن الأصل العذاب الهون، وصفه به مبالغة، ثم أضافه إليه حد الإضافة في قولهم: بقلة الحمقاء، ونحوه، ويدل على أنّ الهون بمعنى الهوان قراءة عبد الله وعكرمة له كذلك اهـ "سمين".

{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى} واختلف (٢) الناس في {فُرَادَى} هل هو جمع أم لا؟ والقائلون بأنه جمع اختلفوا في مفرده. فقال الفراء: فرادى جمع فرد بفتح الراء، وفريد وفرد بسكونها وفردان، فجوز أن يكون جمعًا لهذه الأشياء. وقال ابن قتيبة: هو جمع فردان كسكران وسكارى، وعجلان وعجالى. وقال قوم: هو جمع فريد كرديف وردافى، وأسير وأسارى، قاله الراغب. وقيل: هو اسم جمع؛ لأن فردًا لا يجمع على فرادى. وقول من قال إنه جمع له، فإنما يريد في المعنى، ومعنى فرادى: فردًا فردًا اهـ "سمين".

وفي "البيضاوي": وفرادى جمع فرد، والألف للتأنيث ككسالى. وقرىء فرادًا بالتنوين، كغراب وفراد بلا تنوين، كثلاث، وفردى كسكرى اهـ. فهذه أربع قراءات: الأولى: هي المتواترة، والثلاثة بعدها شواذ، كما في "السمين". ويقال (٣): رجل أفرد وامرأة فردى إذا لم يكن لهما أخ، وفرد الرجل يفرد فرودًا إذا تفرد، فهو فارد.

قوله: {خَوَّلْنَاكُمْ}؛ أي: أعطيناكم، يقال (٤): خوله: أعطاه وملكه، وأصله: تمليك الخول كما تقول: مولته إذا ملكته المال، والترك وراء الظهر يراد


(١) الفتوحات.
(٢) الفتوحات.
(٣) البحر المحيط.
(٤) البحر المحيط.