وهو هنا مصدر بأن يبين بينًا بمعنى: البعد، ويطلق على الضدين، كالبعد والقرب والوصل والانقطاع، والمراد به هنا: الوصل؛ أي: الاتصال؛ أي: العلقة والارتباط، ويضاف البين إلى المثنى كقوله تعالى:{فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}، وإلى الجمع كقوله:{أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}، ولا يضاف إلى المفرد إلا إذا كرر كقوله:{هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ}.
قوله:{أَوَّلَ مَرَّةٍ} ومرة في الأصل: مصدر لمر يمر مرة، ثم اتسع فيها، فصارت زمانًا. قال أبو البقاء: وهذا يدل على قوة شبه الزمان بالفعل. وقال الشيخ: وانتصب أول مرة على الظرف؛ أي: أول زمان.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الوصل والفصل في أسماء الأنبياء عليهم السلام.
ومنها: التكرار في قوله: {كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا}، وفي:{أُنزِلَ}، وفي {يُؤمِنونَ} وفي {كُنتُمْ}.
ومنها: الطباق في قوله: {وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ}، وفي قوله:{يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا}، وفي قوله:{تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ}.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ}، وفي قوله:{فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ}، وفي قوله:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، وفي قوله:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.