للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بما أوجد له مما يحتاج إليه في قوام حياته، وبين أن في ذلك آيات لقوم يعلمون، ولقوم يفقهون، ولقوم يؤمنون .. ذكر ما عاملوا به منشئهم من العدم وموجد أرزاقهم من إشراك غيره له في عبادته، ونسبة ما هو مستحيل عليه من وصفه بسمات الحدوث من البنين والبنات.

قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أقام (١) الأدلة والبراهين الواضحة على توحيده، وكمال قدرته وعلمه .. عاد هنا إلى تقرير أمر الدعوة والرسالة، وتبليغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أوامر ربه، ومدى تلك الأوامر من الهداية والإرشاد، وما يقوله المشركون في المبلغ لها، وأعلم سبحانه سنته فيهم وفي أمثالهم، وما يجب على الرسول معهم، وما ينفى عنه.

قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أمر (٢) رسوله فيما سبق من الآيات بتبليغ وحيه بالقول والعمل، والإعراض عن المشركين بمقابلة جحودهم وطعنهم في الوحي بالصبر والحلم، وبيَّن أن من مقتضى سنته في البشر أن لا يتفقوا على دين واحد لاختلاف استعدادهم، وتفاوتهم في درجات الفهم والفكر، وذكر أن وظيفة الرسل أن يكونوا مبلغين لا مسيطرين، وهادين لا جبارين، فينبغي أن لا يضيقوا ذرعًا بما يرون وما يشاهدون من الإزدراء بهم، والطعن في دينهم، فإن الله هو الذي منحهم هذه الحرية، ولم يجبرهم على الإيمان .. نهى المؤمنين هنا عن سب آلهة المشركين؛ لأنهم إذا شتموا فربما غضبوا وذكروا الله بما لا ينبغي من القول، ثم ذكر طلب بعضهم للآيات؛ لأن القرآن ليس من جنس المعجزات، ولو جاءهم بمعجزة ظاهرة لآمنوا به، وحلفوا على ذلك، وأكدوه بكل يمين محرجة.


(١) المراغي.
(٢) المراغي.