للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عثمان، وولد هو في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقرأت فرقة (١)، منهم السلمي والحسن وأبو عبيد الملك - قاضي الجند وصاحب ابن عامر -: {زين} - مبنيا للمفعول - و {قتل} مرفوعا مضافا إلى {أولادهم}، {شُرَكاؤُهُمْ} مرفوعا على إضمار فعل؛ أي: زينه شركاؤهم هكذا أخرجه سيبويه. أو فاعلا بالمصدر؛ أي: قتل أولادهم شركاؤهم هكذا خرجه قطرب. فعلى توجيه سيبويه الشركاء مزينون لا قاتلون كما كان كذلك في القراءة الأولى، وعلى توجيه قطرب الشركاء قاتلون، ومجازه أنهم لما كانوا مزينين القتل جعلوا هم القاتلين، وإن لم يكونوا مباشري القتل، وقرأت فرقة من أهل الشام، ورويت عن ابن عامر: {زين} - بكسر الزاي وسكون الياء - على أنه فعل ماض مبني للمفعول على وزن قيل وبيع و {قتل} مرفوع على ما لم يسم فاعله و {أولادهم} بالنصب، و {شركائهم} بالخفض غاية ما في هذه القراءة أنه من زان الثلاثي، وبني للمفعول فأعل كبيع، فهي جارية على القراءة الأولى من الفصل بالمفعول.

ثم ذكر سبحانه وتعالى علة تزيين المنكرات لهم فقال: {لِيُرْدُوهُمْ}؛ أي: أنهم زينوا لهم هذه المنكرات ليردوهم ويهلكوهم بالإغواء والإضلال {وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ}؛ أي: وليخلطوا عليهم ما كانوا عليه من دين إسماعيل عليه السلام، ويفسدوا عليهم فطرتهم، فتنقلب عواطف ود الوالدين من رأفة ورحمة إلى قسوة ووحشية، فينحر الوالد ولده، ويدفن بنته الضعيفة بيده، وهي حية؛ أي: زينوا لهم ليضلوهم وليدخلوا عليهم الشك في دينهم.

والدين (٢) الذي لبّسوه وخلطوه عليهم هو ما كانوا يدعونه من دين إسماعيل وملة إبراهيم عليهما السلام، وقد اختلط عليهم بما ابتدعوه من تقاليد الشرك حتى لم يعرف الأصل الذي كان يتبع من هذه الإضافات التي ضموها إليه، فهذا الذي أتاهم بهذه الأوضاع الفاسدة أراد أن يزيلهم عن ذلك الدين الحق.


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.