للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

انتهى. {إِلَّا أَنْ يَكُونَ} ذلك الطعام {مَيْتَةً} لم تذك ذكاة شرعية، وذلك شامل لما مات حتف أنفه، وللمنخنقة والموقوذة والنطيحة ونحوها مما سبق ذكره في المائدة. وقرىء: {يطّعمه} - بالتشديد وكسر العين - والأصل يتطعمه، فأبدلت التاء بطاء، وأدغمت فيها الأولى. ذكره أبو البقاء. وقرأ (١) ابن كثير وحمزة: {تكون} - بالتأنيث - {مَيْتَةً} بالنصب على تقدير إلا أن تكون المحرمة ميتة. وقرأ ابن عامر: {تكون} - بالتأنيث - {ميتة} - بالرفع - على معنى: إلا أن توجد ميتة، أو إلا أن تكون هناك ميتة. وقرأ الباقون {يَكُونَ} - بالتذكير - {مَيْتَةً} - بالنصب -؛ أي: إلا {أن يكون} ذلك المحرم ميتة. وعلى قراءة ابن عامر يكون ما بعد هذا معطوفا على {أَنْ يَكُونَ} الواقعة مستثناة؛ أي: إلا وجود ميتة. وعلى قراءة غيره يكون معطوفا على قوله: {مَيْتَةً}.

{أَوْ} إلا أن يكون ذلك المحرم {دَمًا مَسْفُوحًا}؛ أي: سائلا كالدم الذي يجري من المذبوح، أو من الحي حال حياته، وغير (٢) المسفوح معفو عنه كالدم الذي يبقى في العروق بعذ الذبح، ومنه الكبد والطحال.

وفي الحديث: «أحلت لنا ميتتان: السمك والجراد، ودمان: الكبد والطحال». وهكذا ما يتلطخ به اللحم من الدم. وقد حكى القرطبي الإجماع على هذا، وقيل لأبي مجلز (٣): القدر تعلوها الحمرة من الدم، فقال: إنما حرم الله تعالى المسفوح، وقالت نحوه عائشة رضي الله عنها، وعليه إجماع العلماء. وقال أبو بكر الرازي، وفي قوله: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} دلالة على أن دم البق والبراغيث

والذباب ليس بنجس انتهى.

{أَوْ} إلا أن يكون ذلك المحرم {لَحْمَ خِنزِيرٍ} وتخصيص (٤) اللحم بالذكر؛ للتنبيه على أنه أعظم ما ينتفع به من الخنزير، وإن كان سائره مشاركا له في التحريم بالتنصيص على العلة من كونه رجسا، أو لإطلاق الأكثر على كله، أو


(١) المراح.
(٢) الشوكاني.
(٣) البحر المحيط.
(٤) البحر المحيط.