للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأصل على التابع؛ لأن الشحم وغيره يتبع اللحم، وقال الشوكاني: وظاهر تخصيص اللحم أنه لا يحرم الانتفاع منه بما عدا اللحم، انتهى. {فَإِنَّهُ}؛ أي: فإن كل ما ذكر من الميتة وما بعدها. وأفرد الضمير؛ لأن العطف بأو {رِجْسٌ}؛ أي: نجس أو خبيث مخبث تعافه الطباع السليمة، وهو ضار بالأبدان الصحيحة. وقال الشوكاني: والضمير في قوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} عائد إلى اللحم أو الخنزير، انتهى؛ أي: قذر لتعوده أكل النجاسة، أو خبيث مخبث {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} معطوف على المنصوب قبله، وقوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه ذكر للتعليل، {أَوْ} كان ذلك المحرم {فِسْقًا}؛ أي: ذبحا خارجا عن الحلال لكونه أهل به؛ أي: ذبح به لغير الله بأن ذبح على اسم الأصنام مثلا، وهو كل ما يتقرب به إلى غير الله سبحانه وتعالى تعبدا، ويذكر اسمه عليه عند ذبحه.

قال أبو حيان (١): وجاء الترتيب هنا كالترتيب الذي في البقرة والمائدة، وجاءت هنا هذه المحرمات منكرة والدم موصوفا بقوله: {مَسْفُوحًا}، والفسق موصوفا بقوله: {أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} وفي تينك السورتين معرفة؛ لأن هذه السورة مكية؛ فعلق بالتنكير، وتينك السورتان مدنيتان؛ فجاءت تلك الأسماء معارف بالعهد حوالة على ما سبق تنزيله في هذه السورة انتهى.

فصل (٢)

وذكر المفسرون هنا أشياء مما اختلف أهل العلم فيها، ونلخص من ذلك شيئا، فنقول: أما الحمر الأهلية: فذهب الشعبي وابن جبير إلى أنه يجوز أكلها، وإن تحريم الرسول لها إنما كان لعلة، وأما لحوم الخيل: فاختلف السلف فيها، وأباحها الشافعي وابن حنبل وأبو يوسف ومحمد بن الحسن. وعن أبي حنيفة: الكراهة، فقيل: كراهة تنزيه، وقيل: كراهة تحريم؛ وهو قول مالك والأوزاعي والحكم بن عتيبة وأبي عبيد وأبي بكر الأصم. وقال به من التابعين مجاهد، ومن


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.