للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم نطفة، ثم دما، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظاما ولحوما وعروقا وجلودا وأعصابا، ثمّ جنينا، ثم طفلا، ثمّ صبيا، ثمّ شابا، ثمّ كهلا، ثمّ شيخا، وأنت فيما بين ذلك تتمرّغ في نعمتي، وتسعى في خدمة غيري، تعبد النفس والهوى، وتبيع الدين بالدنيا، لا تنس من خلقك، وجعلك من لا شيء شيئا مذكورا كريما مشكورا، علّمك، وقوّاك، وأكرمك، وأعطاك ما أعطاك. فهذا خطاب للنفس والبدن. قال في «التيسير»: وإذا كان الإنسان من النسيان، ففيه عتاب وتلقين، أمّا العتاب، فكأنّه يقول: أيّها الناس! قابلتم نعمنا بالكفران، وأوامرنا بالعصيان، وأمّا التلقين للعذر، فكأنّه يقول: أيّها المخالف لنا ناسيا لا عامدا، وساهيا لا قاصدا! اعذرناك لنسيانك، وعفونا عنك لإيمانك.

قال ابن عباس - رضي الله عنهما (١) -: يا أيّها الناس: خطاب لأهل مكة، {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} خطاب لأهل المدينة. وهو هنا خطاب عامّ لسائر المكلّفين؛ لأنّ ذلك أمر أغلبي على أنّ السورة مدنية.

واعلم (٢): أنّ النداء الواقع في القرآن على سبعة مراتب:

الأول: نداء مدح، كقوله: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ}.

والثاني: نداء ذمّ، كقوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا}، {يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا}.

والثالث: نداء تنبيه، كقوله: {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ}، {يا أَيُّهَا النَّاسُ}.

والرابع: نداء إضافة، كقوله: {يا عِبادِيَ}.

والخامس: نداء نسبة، كقوله: {يا بَنِي آدَمَ}، {يا بَنِي إِسْرائِيلَ}.

والسادس: نداء تسمية، كقوله: {يا داوُدُ}، {يا إِبْراهِيمُ}.

والسابع: نداء تعنيف، كقوله: {يا أَهْلَ الْكِتابِ}.


(١) صاوي.
(٢) الخازن.