للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيه يجمع الكلمة ويعز أهل الحق .. كان التفرق فيه سبب ضعف المتفرقين وذلهم وضياع حقهم.

روى ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم أنه إنما أهلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات.

وقرأ حمزة والكسائي: {وإن هذا} - بكسر الهمزة على الاستئناف - والتقدير: وإن الذي ذكر في هذه الآيات صِراطِي {فَاتَّبِعُوهُ} جملة معطوفة على الجملة المستأنفة. وقرأ ابن عامر ويعقوب وعبد الله بن أبي إسحاق بالفتح والتخفيف على أنها مخففة، واسمها ضمير الشأن. وقرأ الباقون بالفتح مشددة بتقدير اللام على أنه علة مقدمة لقوله: {فَاتَّبِعُوهُ}. وقرأ ابن عامر: {صراطي} - بفتح الياء -. وقرأ الأعمش: {وهذا صراطي}: وفي مصحف عبد الله بن مسعود: {وهذا صراط ربكم} وفي مصحف أبي: {وهذا صراط ربك}.

{ذلِكُمْ} الاتباع للصراط المستقيم {وَصَّاكُمْ بِهِ}؛ أي: أمركم ربكم في الكتاب {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}؛ أي: لكي تتقوا وتجتنبوا الطرق المختلفة والسبل المضلة. والتقوى: (١) اسم لكل ما يتقى به من الضرر العام والخاص مهما يكن نوعه، وقد ذكرت في القرآن في سياق الأوامر والنواهي المختلفة من عبادات ومعاملات وآداب وعشرة وزواج، وتفسر في كل موضع بما يناسبه. والمعنى: ذلكم الاتباع لصراط الحق المستقيم، والاجتناب عن سبل الضلالات والأباطيل وصاكم ربكم به؛ ليهيئكم لاتقاء كل ما يشقي ويردي في الدنيا والآخرة، ويوصلكم إلى السعادة العظمى والحياة الصالحة.

وقال الرازي (٢): ختمت الآية الأولى بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} والثانية بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} لأن القوم كانوا مستمرين على الشرك، وقتل الأولاد، وقربان الزنا، وقتل النفس المحرمة بغير حق غير مستنكفين ولا عاقلين قبحها، فنهاهم


(١) المراغي.
(٢) الفخر الرازي.