البحر الذي هو البحر المحيط أربعة وعشرون ألف فرسخ، كلّ فرسخ ثلاثة أميال، وهو اثنا عشر ألف ذراع بالذراع المرسلة، وكلّ ذراع ستّ وثلاثون أصبعا، كلّ أصبع ستّ حبّات شعير، مصفوفة بطون بعضها إلى بعض. فللسودان: اثنا عشر ألف فرسخ، وللبيضان: ثمانية، وللفرس: ثلاثة، وللعرب ألف، كذا في كتاب «الملكوت».
وسمت وسط الأرض المسكونة حضرة الكعبة المشرفة، وأمّا وسط الأرض كلّها عامرها وخرابها، فهو الموضع الذي يسمّى قبّة الأرض، وهو مكان يعتدل فيه الأزمان في الحرّ والبرد، ويستوي الليل والنهار أبدا، لا يزيد أحدهما على الآخر، كما في «الملكوت».
وروي عن عليّ - كرم الله وجهه -: أنّه قال: (إنّما سميت الأرض أرضا؛ لأنّها تتأرّض ما في بطنها)؛ يعني: تأكل ما فيها. وقال بعضهم: لأنّها تتأرّض بالحوافر والأقدام.
ومعنى جعلها {فَرْشًا} جعل بعضها بارزا من الماء مع اقتضاء طبعها الرسوب، وجعلها متوسّطة بين الصلابة واللين، صالحة للقعود عليها والنوم فيها، كالبساط المفروش، وليس من ضرورة ذلك كونها سطحا حقيقيا، وهو الذي له طول وعرض، فإنّ كرويّة شكلها مع عظم جرمها مصّححة لافتراشها.
وعبارة النسفي هنا: وليس فيه دليل على أنّ الأرض مسطّحة أو كروية، إذ الافتراش ممكن على كلا التقديرين.
{وَ} جعل {السَّماءَ} وهو ما علاك وأظلّك؛ لأنّه من السموّ بمعنى: العلوّ. {بِناءً} أي: سقفا مبنيا فوق الأرض مرفوعا فوقها، كهيئة القبّة؛ أي: جعلها قبّة مضروبة عليكم. وكلّ سماء مطبقة على الأخرى، مثل: القبّة، والسماء الدنيا ملتزقة أطرافها على الأرض، كما في «تفسير أبي الليث».
قيل (١): إذا تأمّل الإنسان المتفكّر في العالم، وجده كالبيت المعمور فيه كلّ