للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما يحتاج إليه، والسماء مرفوعة كالسقف، والأرض مفروشة كالبساط، والنجوم كالمصابيح، والإنسان كمالك البيت، وفيه ضروب النبات المهيّئة لمنافعه، وأصناف الحيوان مصروفة في مصالحه، فيجب على الإنسان المسخرة له هذه الأشياء، شكر الله تعالى عليها بالتوحيد، والإيمان، والطاعة. وما أحسن قول أبو العتاهية:

فيا عجبا كيف يعصى الإله ... أم كيف يجحده الجاحد

وفي كلّ شيء له آية ... تدلّ على أنّه الواحد

{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ}؛ أي: من السحاب {ماءً}؛ أي: مطرا عذبا فراتا، أو أنزل من السماء مطرا ينحدر منها على السحاب، ومنه على الأرض. وفيه ردّ لزعم من قال: إنّه يأخذه من البحر. {فَأَخْرَجَ} سبحانه وتعالى بفضله وقدرته، وأنبت {بِهِ}؛ أي: بسبب ذلك الماء الذي أنزل من السماء {مِنَ} أنواع {الثَّمَراتِ} والفواكه والنباتات، فالمراد بالثمرات ههنا: المأكولات كلّها من الحبوب والفواكه، وغيرها مما يخرج من الأرض والشجر، كما في «التيسير».

{رِزْقًا} وغذاء وقوتا {لَكُمُ} وعلفا لدوابّكم.

وذلك (١) أنّه أودع في الماء قوة فاعليّة، وفي الأرض قوة منفعلة، فتولّد من تفاعلهما أصناف الثمار، فبين المظلّة والمقلّة شبه عقد النكاح، بإنزال الماء منها عليها، والإخراج به من بطنها، أشباه النسل المنتج من الحيوان من ألوان الثمار رزقا لبني آدم، ولسائر الأنعام والدوابّ. و {مِنَ} للبيان، و {رِزْقًا}؛ أي: طعاما وعلفا لكم ولدوابّكم، كما مرّ آنفا، ففيه تقديم البيان على المبيّن؛ لغرض الاهتمام.

والمعنى (٢): أنّ الله تعالى أنعم عليكم بذلك كلّه، لتعرفوه بالخالقيّة والرازقيّة، فتوحّدوه.


(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.