تمثلت في التأليف في غريب القرآن، التي اقتصرت فيه هذه المرحلة على تفسير الكلمات الغريبة التي تحتاج إلى بيان، وذلك ككتب الرؤاسي (ت ١٧٠ هـ)، والكسائي (ت ١٨٩ هـ)، والفرّاء (ت ٢٠٧ هـ).
ثم تلا ذلك المرحلة الثانية: وهي التفسير الكامل للقرآن الكريم، كتفاسير «ابن ماجه»(ت ٢٧٣ هـ)، و «ابن جرير الطبري»(ت ٣١٠ هـ)، و «ابن المنذر»(ت ٣١٨ هـ)، و «ابن أبي حاتم»(ت ٣٢٧ هـ)، فكانت هذه المؤلفات جامعة لتفسير الغريب، وما ورد من الآثار في معنى الآيات، وأسباب نزولها من الأحاديث وأقوال الصحابة والتابعين، وهذا ما يطلقون عليه: التفسير بالمأثور.
ولذا نجد هؤلاء يعتمدون في النقل على الأسانيد، وربما يذكرون عدة آراء في معنى الآية الواحدة، حتى صح أن يطلق على هذه التفاسير:
التفاسير الموسوعية، كتفسير ابن جرير الطبري. المسمى «جامع البيان»، وهو مطبوع متداول، وقد حقق نحو نصفه العلّامة المحدث أحمد محمد شاكر، إلا أن المنية اخترمته قبل أن يتمه وأتمه أخوه العلامة محمود محمد شاكر رحمه الله وطبع في دار المعارف بمصر.
ثم تدرج التفسير في سلم التوسع، فدونت في أثناء التفسير العلوم العقلية أيضا، وكان من الطبعي أن يتضخم وتتسع أطرافه، لشحنه بالمعارف العامة والعلوم المتنوعة والآراء، بل والعقائد أيضا، فقد امتزج التفسير بذلك كله، وكثير من البارعين في فنون معينة من علوم اللغة وغيرها فسروا القرآن من زاوية تخصصهم؛ لأن عندهم من الملكات العلمية في تلك المجالات ما يستطيعون أن يبدعوا ويفيدوا، وبهذا تعددت الاتجاهات للمفسرين.