للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

- فمنهم من عني بالتفسير اللغوي وما يتصل به، فكثر في منهجه التخريجات الإعرابية، والوجوه النحوية، وأكثر من الشواهد نظما ونثرا، ومنهم الزجاج، والواحدي في «البسيط»، وأبو حيان في «البحر المحيط».

- ومنهم من اتجه في تفسيره إلى مقارعة الفلاسفة، وذكر شبههم والرد عليها، والتوسع في هذا الميدان، كالفخر الرازي في تفسيره «مفاتيح الغيب».

- ومنهم من عني باستنباط الأحكام الشرعية، وإيراد الفروع الفقهية، كل وفق مذهبه، مع الرد على من خالفه من أصحاب المذاهب الأخرى، كما فعل الجصاص الحنفي في «أحكام القرآن»، والقرطبي المالكي في تفسيره «الجامع لأحكام القرآن» (١).

- وهناك تفاسير أخرى لها اتجاهات أخرى، إما عقائدية ك «تفسير القاضي عبد الجبار» و «الزمخشري»، أو تاريخية عني مؤلفوها كثيرا بالقصص وأخبار الأمم السالفة، ك «تفسير الثعلبي» و «الخازن».

والخلاصة: أن القرآن العظيم لا زال علماء الدين وغيرهم يغترفون من مناهله الروية، ويستنبطون من نصوصه الإلهية، فيواكب كل مصر، ويتلاءم مع كل عصر، ويهتدون منه إلى ما يقيم الحجة على أهل الزيغ والعناد، وما يثبت أنه منزل من رب العباد.

وقد قام العلماء الأجلة في العصر الحديث بجهودهم في هذا الميدان، فكتبوا فيه تأسيا بالسلف، فتراهم بين مؤلف جامع لأشتات التفاسير وبين مهذب لمطولاتها، ومنقح لما ورد من الإسرائيليات والحشو فيها، فبعضهم كانت غايته التبسيط والتهذيب والبيان، وبعضهم زاد فأفاد وألف فأجاد،


(١) انظر بتوسع أكثر في مقدمة «تفسير ابن كثير» (١/ ١٦ - ١٨) ط دار المعرفة بيروت.