دحرت بني الحصيب إلى قديد ... وقد كانوا ذوي أشر وفخر
يقال: دحره يدحره دحرا ودحورا - من باب خضع - ومنه: {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُورًا}.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: المجاز المرسل في قوله: {فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ} لما فيه من إطلاق المسبب وإرادة السبب؛ لأن المراد النهي عن أسباب الحرج. قال أبو السعود: توجيه (١) النهي إلى الحرج مع أن المراد نهيه صلى الله عليه وسلم عنه؛ إما للمبالغة في تنزيهه صلى الله عليه وسلم عن وقوع مثل الحرج منه، فإن النهي لو وجه له لأوهم إمكان صدور المنهي عنه منه، وإما للمبالغة في النهي، فإن وقوع الحرج في صدره سبب لاتصافه به، والنهي عن السبب نهي عن المسبب بالطريق البرهاني، ونفي له من أصله بالمرة، فالمراد نهيه عما يورث الحرج انتهى.
ومنها: المجاز المرسل أيضا في قوله: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها}: لما فيه من إطلاق المحل وإرادة الحال؛ أي: وكم من أهل قرية أهلكناهم.
ومنها: الاعتراض بين الجار ومتعلقه، في قوله:{فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ}، لأنه معترض بين قوله:{أُنْزِلَ} وبين قوله: {لِتُنْذِرَ}.
ومنها: التعرض لوصف الربوبية مع الإضافة لضمير المخاطبين، في قوله:{اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} لمزيد اللطف بهم وترغيبهم في امتثال الأمر.
ومنها: الطباق بين قوله: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ} وقوله: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ}، وبين قوله:{بَياتًا} وقوله: {أَوْ هُمْ قائِلُونَ}؛ لأن البيات معناه ليلا، وقائلون معناه نهارا وقت الظهيرة.