يحسب ذلك اه «كرخي». والكثير (١) من أهل الضلال يحسبون أنهم مهتدون، وهم ما بين كافر جحود للحق كبرا وعنادا - كأعداء الرسل في عصورهم وحاسديهم على ما آتاهم الله من فضله، كما حكى سبحانه عن فرعون وملئه:{وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} وكالكبراء من قريش أمثال أبي جهل، والوليد بن المغيرة، والنضر بن الحارث في جمع كثير منهم، وهم الذين قال فيهم:{فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} وهؤلاء هم الأقلون عددا. وكافر بالتقليد واتباع نزغات الشيطان، أو باتباع الآراء الخاطئة والنظريات الفاسدة، وهم الذين قال الله فيهم: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤)} وهؤلاء هم جمهرة الناس في جميع الأمم، وذهب كثير من العلماء إلى أن من بذل جهده في البحث والنظر في الحق، ثم اتبع ما ظهر له أنه الحق بحسب ما وصلت إليه طاقته، وكان مخالفا في شيء منه لما جاءت به الرسل لا يدخل في مدلول هذه الآية ونحوها، بل يكون معذورا عند الله تعالى لقوله:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها}.
{وَيا آدَمُ}{الواو}: عاطفة. {يا آدَمُ}: منادى مضافا، وجملة النداء في محل النصب معطوفة على جملة قوله:{اسْجُدُوا لِآدَمَ} على كونها مقولا لـ {قُلْنا}، والتقدير: ثم قلنا للملائكة: {اسْجُدُوا لِآدَمَ}، وقلنا:{يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}، كما ذكره صاحب «زاده»{اسْكُنْ}: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر وجوبا. {أَنْتَ}: ضمير منفصل مؤكد لضمير الفاعل؛ ليصح عطف ما بعده عليه كما قال ابن مالك:
وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل