تتحرك، ولم تحمل على متحرك جاز الإبدال كهذه الآية الكريمة.
{مِنْ سَوْآتِهِما} جمع سوءة، والسوءة ما يسوء الإنسان أن يراه غيره من أمر شائن، وعمل قبيح، وإذا أضيفت إلى الإنسان أريد بها عورته الفاحشة؛ لأنه يسوءه ظهورها بمقتضى الحياء الفطري. {مِنَ الْخالِدِينَ}؛ أي: من الذين لا يموتون أبدا.
{وَقاسَمَهُما}؛ أي: أقسم وحلف لهما، وفي «السمين» المفاعلة هنا يحتمل أن تكون على بابها. فقال الزمخشري: كأنه قال لهما: أقسم لكما إني لمن الناصحين، فقالا له: أتقسم بالله أنت إنك لمن الناصحين لنا، فجعل ذلك مقاسمة بينهم، أو أقسم لهما بالنصيحة، وأقسما له بقبولها، أو أخرج قسم إبليس على وزن المفاعلة؛ لأنه اجتهد فيها اجتهاد المقاسم. وقال ابن عطية: وقاسمهما؛ أي: حلف لهما، وهي مفاعلة؛ إذ قبول المحلوف له، وإقباله على معنى اليمين، وتقديره: كالقسم وإن كان بادىء الرأي يعطي أنها من واحد، ويحتمل أن يكون فاعل بمعنى أفعل كباعدته وأبعدته، وذلك أن الحلف لما كان من إبليس دونهما كان فاعل بمعنى أصل الفعل. انتهى.
{لَمِنَ النَّاصِحِينَ} جمع ناصح اسم فاعل من نصح، ونصح يتعدى لواحد؛ تارة بنفسه، وتارة بحرف الجر، ومثله شكر وكال ووزن، وهل الأصل التعدي بحرف الجر، أو التعدي بنفسه، أو كل منهما أصل؟ الراجح الثالث، وزعم بعضهم أن المفعول في هذه الأفعال محذوف، وأن المجرور باللام هو الثاني، فإذا قلت: نصحت لزيد، فالتقدير: نصحت لزيد الرأي، وكذلك شكرت له صنيعه، وكلت له طعامه، ووزنت له متاعه، فهذا مذهب رابع، وقال الفراء: العرب لا تكاد تقول: نصحتك إنما يقولون: نصحت لك، وأنصح لك، وقد يجوز نصحتك، اه «سمين». والنصيحة: هي إرادة الخير للغير، وإظهاره له.
{فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ} يقال: دلى الشيء تدلية - كزكى تزكية - إذا أرسله، وأنزله من أعلى إلى أسفل رويدا رويدا، وقال الأزهري: وأصله أن الرجل العطشان يتدلى في البئر ليأخذ الماء، فلا يجد فيها ماء، فوضعت التدلية موضع الطمع فيما لا فائدة فيه. والغرور: إظهار النصح مع إبطان الغش، وقيل: حطهما من منزلة