للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنها: شرعي، فإن الشارع حرم من الطعام الميتة والدم، ولحم الخنزير، وما أهل به لغير الله، وحرم من الشراب الخمر، وحرم من اللباس الحرير الخالص، أو الغالب على الرجال دون النساء، وحرم الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة، وعده من السرف المنهي عنه، فهذه الأشياء لا يباح استعمالها إلا لضرورة تقدر بقدرها.

والمعول عليه في الإنفاق في كل طبقة عرف المعتدلين فيها، فمن تجاوز طاقته مباراة لمن هم أغنى منه وأقدر كان مسرفا، وكم جر الإسراف إلى خراب بيوت عامرة، ولا سيما في المهور، وتجهيز العرائس، وحفل العرس والمأتم (١)، والزار، قال الشاعر:

ثلاثة تشقى بها الدّار ... العرس والمأتم والزّار

وهذا السرف كبير الضرر، عظيم الخطر على الأمم، أكثر من ضرره على الأفراد، ولا سيما في البلاد التي تأتي إليها أنواع الزينة من البلاد الأجنبية عنها، إذ تذهب الثروة إلى غير أهلها، وربما ذهبت إلى من يستعين بها على استذلالهم، والعدوان عليهم.

والخلاصة:

أن الطعام والشراب من ضرورات الحياة الحيوانية، ولكن ضل في ذلك فريقان:

١ - فريق البخلاء والغلاة في الدين، تركوا الأكل والشرب من الطيبات المستلذة؛ إما بخلا وشحا، أو تحرجا وتأثما؛ إما دائما، أو

في أوقات مخصوصة من السنة.

٢ - فريق المترفين الذين أسرفوا في اللذات البدنية، وجعلوها جل هممهم، فهم يأكلون ويشربون ويتمتعون كما تتمتع الأنعام، وليس لهم غاية يقفون عندها،


(١) والمأتم عند العرب نساء يجتمعن في الخير والشر، والجمع مآتم، وعند العامة المصيبة يقولون: كنا في مأتم فلان، والصواب كنا في مناحة فلان اه «مختار».