للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حَيْثُ نَشاءُ}. {وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهًا} أي: إنّ رزق الجنة وثمرها يتشابه على أهلها في صورته، ويختلف في طعمه ولذته.

وقيل المعنى: (١) {كُلَّما رُزِقُوا} وأعطوا، واطعموا {مِنْها}؛ أي: من تلك الجنات {مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا}؛ أي: عطاء وطعاما من ثمرة من ثمارها. {قالُوا} للملائكة والولدان: {هذَا} الطعام الذي أتيتمونا به في هذه المرّة، مثل الطعام. {الَّذِي رُزِقْنا} وأعطينا به {مِنْ قَبْلُ}؛ أي: من قبل هذه المرّة في الجنة؛ أي: مثله في الشكل واللون، فتقول الملائكة: كل يا عبد الله، فاللون واحد، والطعم مختلف. {وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهًا}؛ أي: والحال أنّهم أعطوا بذلك الطعام، حال كونه متشابها بعضه بعضا في اللون والمنظر دون الطعم؛ أي: تأتيهم الملائكة والولدان برزق الجنة متشابها بعضه بعضا في اللون مختلفا في الطعم.

وقرأ الجمهور {وَأُتُوا بِهِ} مبنيا للمفعول، وحذف الفاعل للعلم به، وهو الخدم والولدان، يبيّن ذلك قراءة هارون الأعور، والعتكي {وَأُتُوا بِهِ} على البناء للفاعل، ذكره في «البحر».

وروى مسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أهل الجنة يأكلون، ويشربون، ولا يبولون، ولا يتغوّطون، ولا يتمخّطون، ولا يبزقون، ويلهمون الحمد والتسبيح كما يلهمون النّفس طعامهم جشاء، ورشحهم كرشح المسك. وفي رواية: ورشحهم المسك. وعن مسروق: نخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها؛ أي: منضود بعضها على بعض؛ أي: متراكب ومجتمع ليس كأشجار الدنيا متفرّقة أغصانها وثمرتها أمثال القلال، كلّما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى، والعنقود اثنا عشر ذراعا، ولو اجتمع الخلائق على عنقود لأشبعهم. وجاء رجل من أهل الكتاب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم - فقال: يا أبا القاسم! تزعم أنّ أهل الجنة يأكلون ويشربون، فقال: «نعم والذي نفس محمد بيده، إنّ أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل، والشرب، والجماع»، قال: فإنّ الذي يأكل له


(١) العمدة.