للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والخلاصة: تبنون قصورا عالية، وبيوتا رفيعة للصيف بما تعملون من سهول الأرض من الطين واللبن والآجر والجبس، وتنقبون في الجبال بيوتا للشتاء، وذلك لطول أعمارهم، فإن السقوف والأبنية تتهدم قبل انقضاء أعمارهم، فكان عمر واحد منهم ثلاث مئة سنة إلى ألف سنة كقوم هود. قال (١) وهب: كان الرجل يبني البنيان، فتمر عليه مئة سنة، فيخرب، ثم يجدده، فتمر عليه مئة سنة، فيخرب، ثم يجدده، فتمر عليه مئة سنة، فيخرب، فأضجرهم ذلك، فاتخذوا الجبال بيوتا. وسميت القصور قصورا؛ لقصور الفقراء عن تحصيلها وحبسهم عن نيلها. {فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ}؛ أي: تذكروا نعم الله تعالى عليكم بالشكر عليها، فإنكم متنعمون مترفون {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} قال قتادة (٢): معناه ولا تسيروا في الأرض مفسدين ومكثرين فيها الفساد، والعثو: أشد الفساد. وقيل:

أراد به عقر الناقة، وقيل: هو على ظاهره، فيدخل فيه النهي عن جميع أنواع الفساد، والمعنى على هذا: ولا تعملوا في الأرض شيئا من أنواع الفساد، والمعنى: وتذكروا هذه النعم العظام، واشكروها له بتوحيده، وإفراده بالعبادة، ولا تتصرفوا فيها تصرف كفران وجحود بفعل ما لا يرضي الله الذي خلقها لكم بالكفر، والعثي في الأرض بالفساد.

وقرأ الحسن (٣): {وتنحَتون} - بفتح الحاء - وزاد الزمخشري أنه قرأ: {وتنحاتون} - بإشباع الفتحة -. وقرأ ابن مصرف بالياء من أسفل وكسر الحاء. وقرأ أبو مالك بالياء من أسفل وفتح الحاء، ومن قرأ بالياء فهو التفات، وقرأ الأعمش: {تِعثوا} - بكسر التاء - لقولهم: أنت تعلم وهي لغة.

قصة الناقة

وروي: أن هذه الناقة هي آية مقترحة لقوم صالح لما حذرهم وأنذرهم سألوه آية، فقال: أية آية تريدون؟ قالوا: تخرج معنا إلى عيدنا في يوم معلوم لهم من السنة، فتدعو إلهك، وندعو آلهتنا، فإن استجيب لك اتبعناك، وإن استجيب


(١) البحر المحيط.
(٢) الخازن.
(٣) البحر المحيط.