للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الجمهور (١): {يُضِلُّ} بضمّ الياء وكسر الضاد من (أضلّ) الرباعيّ المبني للفاعل في المواضع الثلاثة، والفاعل هو الله سبحانه وتعالى. وقرأ زيد بن عليّ {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ} في الثلاثة على البناء للمفعول. وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة في الثلاثة على البناء للفاعل الظاهر مفتوح حرف المضارعة. وروي عن ابن مسعود: أنّه قرأ {يُضِلُّ} بضمّ الياء في الأول، {وما يضل به} بفتح الياء، و {الفاسقون} بالواو، وكذا أيضا: في القراءتين السابقتين، وهي قراءات متجهة في أنّها مخالفة للمصحف المجمع عليه.

{وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} محلّ {أَنْ يُوصَلَ} الجرّ على أنّه بدل من الهاء في {بِهِ} العائد إلى {ما} الموصولة؛ أي: (٢) يقطعون ما أمر الله بوصله، من الأرحام والقرابات الدينية والنسبية. وذلك أنّ قريشا قطعوا رحم النبي صلّى الله عليه وسلّم بالمعاداة، والله أمرهم أن يصلوا حبلهم بحبل المؤمنين، فهم انقطعوا عن المؤمنين، واتصلوا بالكفّار. فلفظ (٣) القطع عامّ في كلّ قطيعة لا يرضى الله بها، كقطع الرحم، وقطع موالاة المؤمنين، والتفرقة بين الأنبياء عليهم السلام والكتب السماوية في التصديق، وترك الجماعات المفروضة، وسائر ما فيه رفض خير أو تعاطي شرّ، فإنّه يقطع ما بين الله تعالى وبين العبد، من الوصلة التي هي المقصودة بالذات من كلّ وصل وفصل.

وفي الحديث: «إذا أظهر الناس العلم، وضيّعوا العمل به، وتحابّوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب، وتقاطعوا الأرحام لعنهم الله عند ذلك، فأصمّهم وأعمى أبصارهم». وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «ثلاثة في ظلّ عرش الله يوم القيامة:

امرأة مات عنها زوجها، وترك عليها يتامى صغارا، فخطبت فلم تتزوج، وقالت:


(١) البحر المحيط.
(٢) العمدة.
(٣) روح البيان.