للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولنخرجن معك الذين آمنوا بك، والظرف متعلق بالإخراج لا بالإيمان، أي: والله لنخرجنك وأتباعك {مِنْ قَرْيَتِنا} مدين؛ أي: من بلادنا كلها، بغضا لكم ودفعا لغشكم {أَوْ} والله {لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا}؛ أي: أو لترجعن إلى ديننا ومعتقداتنا التي ورثناها عن آبائنا، وتدخلن في زمرتنا، وتندمجن في غمارنا.

الخلاصة (١): ليكونن أحد الأمرين: إخراجكم من البلاد، أو عودتكم في الملة، فاختاروا لأنفسكم ما ترونه أرفق بكم وأوفق لكم.

وشعيب عليه السلام لم يكن قبل النبوة على ملة أخرى غير ملة قومه، فساغ لهم أن يطالبوه بالعود إلى ملتهم، وكونه لم يشاركهم في شركهم وفي بخس الناس أشياءهم - أمر سلبي لا يعده به جمهورهم خروجا عنهم - فلا منافاة بين هذا وعصمة الأنبياء عن الكفر.

قال في «الخازن»: وهذا الكلام فيه إشكال، وهو (٢) أنّ شعيبا عليه السلام لم يكن قط على ملتهم حتى يرجع إلى ما كان عليه، فما معنى قوله: {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا}؟ وأجيب عن هذا الإشكال: بأنّ أتباع شعيب كانوا قبل الإيمان به على ملة أولئك الكفار، فخاطبوا شعيبا وأتباعه جميعا، فدخل هو في الخطاب، وإن لم يكن على ملتهم قط، وقيل معناه: لتصيرن إلى ملتنا، فوقع العود على معنى الابتداء، كما تقول: قد عاد عليّ من فلان مكروه، بمعنى قد لحقني منه ذلك، وإن لم يكن قد سبق منه مكروه، فهو كما قال الشاعر:

فإن تكن الأيّام أحسنّ مدّة ... إليّ فقد عادت لهنّ ذنوب

أراد فقد حارت لهن ذنوب، ولم يرد أن ذنوبا كانت لهن قبل الإحسان.

انتهى.

{قالَ} شعيب عليه السلام {أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ}؛ أي (٣): أتأمروننا أن نعود


(١) المراغي.
(٢) الخازن.
(٣) المراغي.