للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بمرفوع كقولهم: عاد السعر رخيصا، واستشكلوا على كونها بمعناها الأصلي أنّ شعيبا عليه السلام لم يكن قط على دينهم، ولا في ملتهم، فكيف يحسن أن يقال: أو لتعودن؛ أي: ترجعن إلى حالتكم الأولى، والخطاب له ولأتباعه؟ وقد أجيب عنه بثلاثة أجوبة:

أحدها: أنّ هذا القول من رؤسائهم قصدوا به التلبيس على العوام، والإيهام لهم أنّه كان على دينهم وعلى ملتهم.

الثاني: أن يراد بعوده رجوعه إلى حاله قبل بعثته من السكون؛ لأنّه قبل أن يبعث إليهم كان يخفي إيمانه، وهو ساكت عنهم، بريء من معبوداتهم غير الله.

الثالث: تغليب الجماعة على الواحد؛ لأنّهم لما أصحبوه مع قومه في الإخراج .. سحبوا عليه وعليهم حكم العود إلى الملة تغليبا لهم عليه، وأما إذا جعلنا بمعنى صار .. فلا إشكال في ذلك، إذ المعنى: لتصيرن في ملتنا بعد أن لم تكونوا، وفي ملتنا حال على الأول، خبر على الثاني، وعدي عاد بفي الظرفية تنبيها على أنّ الملة صارت لهم بمنزلة الوعاء المحيط بهم.

{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا}؛ أي: اقض؛ لأنهم يسمون القاضي: الفاتح والفتاح؛ لأنّه يفتح مواضع الحق اه كرخي، وفي «السمين»: أن الفتح: الحكم بلغة حمير، وقيل: بلغة مراد، وفي «المراغي» الفتح: إزالة الإغلاق والإشكال وهو قسمان: حسي يدرك بالبصر، كفتح العين والقفل والكلام الذي يكون من القاضي، ومعنوي يدرك بالبصيرة، كفتح أبواب الرزق والمغلق من مسائل العلم، والنصر في وقائع الحرب، والمبهم من قضايا الحكم، ويقال: فتح الله عليه إذا جد وأقبلت عليه الدنيا، وفتح الله عليه نصره، وفتح الحاكم بينهم، وما أحسن فتاحته؛ أي: حكمه كما قال شاعرهم:

ألا أبلغ بني وهب رسولا ... بأنّي عن فتاحتهم غنيّ

ويقال: بينهم فتاحات؛ أي: خصومات، وولي الفتاحة؛ أي: القضاء.

انتهى.

{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} الرجف الحركة والاضطراب، والمراد منها: الزلزلة