الشديدة، ومنه:{يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ} وقال هنا وفي سورة العنكبوت: الرجفة، وفي سورة هود {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ}؛ أي: صيحة جبريل وصرخته عليهم من السماء، ولعلها؛ أي: الصيحة كانت في مبادىء الرجفة، فأسند هلاكهم إلى السبب القريب تارة، وإلى البعيد أخرى. اه أبو السعود.
وقال قتادة (١): بعث الله شعيبا إلى أصحاب الأيكة وإلى أهل مدين، فأما أصحاب الأيكة .. فأهلكوا بالظلة، وأمّا أهل مدين .. فأخذتهم الرجفة، صاح بهم جبريل عليه السلام صيحة فهلكوا جميعا، وقال أبو عبد الله البجلي: كان أبو جاد وهوز، وحطي، وكلمن، وسعفص، وقرشت، ملوك مدين، وكان ملكهم في يوم الظلة اسمه كلمن، فلما هلك رثته ابنته بشعر اه.
{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} أصله يغنيوا بوزن يفعلوا، استثقلت الضمة على الياء ثم حذفت، فالتقى ساكنان، فحذفت الياء، أو يقال: تحركت الياء وانفتح ما قبلها، قلبت ألفا، فالتقى ساكنان ثم حذفت الألف فصار: يغنوا بوزن يفعوا، وفي «المصباح»: غني بالمال يغنى غنى، مثل رضي يرضى رضى، فهو غني، والجمع أغنياء، وغني بالمكان: إذا نزل به واقام فيه فهو غان. اه.
{فَكَيْفَ آسى} والأسى شدة الحزن، وأصل آسى أأسى بهمزتين، قلبت الثانية ألفا، وفي «المصباح» وأسى أسا - من باب تعب - حزن، فهو أسى مثل حزين. اه.
{ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ} قال أهل اللغة: السيئة كل ما يسوء صاحبه، والحسنة: كل ما يستحسنه الطبع والعقل، فأخبر الله تعالى في هذه الآية بأنه يؤاخذ أهل المعاصي والكفر تارة بالشدة، وتارة بالرخاء على سبيل الاستدراج.
{وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ} القرية المدينة الجامعة لزعماء الأمة ورؤسائها - العاصمة - والبأساء الشدة والمشقة، كالحرب والجدب، وشدة الفقر، والضراء ما