وثالثها: أن يكون {إِلَى} بمعنى على؛ أي: استوى على السماء؛ أي: تفرّد بملكها ولم يجعلها كالأرض ملكا لخلقه، ومن هذا المعنى قول الشاعر:
فلمّا علونا واستوينا عليهم ... تركناهم صرعى لنسر وكاسر
ورابعها: معناه: تحوّل أمره إلى السماء، واستقرّ فيها، قاله الحسن البصري.
وخامسها: معناه: استوى بخلقه واختراعه إلى السماء، قاله ابن كيسان، ويؤول هذا المعنى إلى القول الأول.
وسادسها: معناه: كمّل صنعه فيها، كما تقول: استوى الأمر، وهذا ينبو اللفظ عن الدلالة عليه.
وسابعها: أنّ الضمير في {اسْتَوى} عائد على الدخان، وهذا بعيد جدّا، يبعده قوله تعالى:{ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ} واختلاف الضمائر وعوده على غير مذكور، ولا يفسّره سياق الكلام.
وهذه التأويلات كلّها فرار عما تقرّر في العقول، من أنّ الله تعالى يستحيل أن يتصف بالانتقال المعهود في غيره تعالى، وأن يحل فيه حادث، أو يحل هو في حادث، وسيأتي الكلام على الاستواء بالنسبة إلى العرش إن شاء الله تعالى، ذكره في «البحر».
والقول الأرجح الأسلم: أن يقال في تفسير الاستواء هنا: ثمّ استوى سبحانه وتعالى إلى السماء، وارتفع، وعلا استواء يليق به، نثبته ولا نعطله، نعتقده ولا نكيّفه، ولا نمثّله ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير.