التفصيلية من العبادات والمعاملات المدنية والحربية والعقوبات .. فكانت تنزل عليه وقت الحاجة كالقرآن.
وهذه (١) الألواح هي التوراة، قيل كانت من زمردة خضراء، وقيل: من ياقوتة حمراء، وقيل: من زبرجد، وقيل: من صخرة صماء، وقد اختلفوا في عدد الألواح، فمن مقل قال: إنّها اثنان وهذا ضعيف؛ لأنّ أقل ما يصدق عليه الجمع ثلاثة على المشهور، ومن مكثر قال: إنّها اثنا عشر، أو عشرة، أو سبعة، والله أعلم بحقيقة الحال. والألواح جمع لوح، وسمي لوحا لكونه تلوح فيه المعاني، وأسند الله سبحانه وتعالى الكتابة إلى نفسه تشريفا للمكتوب في الألواح، وهي مكتوبة بأمره سبحانه، وقيل: هي كتابة خلقها الله تعالى في الألواح.
{فـ} قلنا له {خذها}؛ أي: خذ الألواح واعمل بما فيها {بِقُوَّةٍ}؛ أي: بجد ونشاط، لا بتراخ وكسل؛ فإن العلم لا يأتي إلا للمجد المشتاق، سواء كان كسبيا أو وهبيا، فلا بد لمتعاطي العلم من الكد والتعب، ومخالفة النفس قال بعضهم:
بقدر الكدّ تكتسب المعالي ... ومن طلب العلا سهر اللّيالي
تروم العزّ ثمّ تنام ليلا ... يغوص البحر من طلب الّلآلي
وقال بعض العارفين:
فجد بالرّوح والدّنيا خليلي ... كذا الأوطان تدرك من سناه
ذكره الصاوي.
وهذا الأمر على إضمار القول كما قدرنا؛ أي: وكتبنا له في الألواح ما ذكر، وقلنا له: هذه وصايانا وأصول شريعتنا وكلياتها، فخذها بقوة وجد وعزم ذاك أنّك ستكون بها شعبا جديدا بعادات جديدة، وأخلاق جديدة، مخالفة في جوهرها وصفاتها لما كان عليه هذا الشعب من الذل والعبودية لدى فرعون وقومه، وما كانوا عليه من الشرك والوثينة التي ألفوها من فرعون وقومه، وراضت