للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حمل الآيات على جميع ذلك، وحمل الصرف على جميع المعاني المذكورة، و {بِغَيْرِ الْحَقِّ} إما متعلق بقوله: {يَتَكَبَّرُونَ}؛ أي: يتكبرون بما ليس بحق، أو بمحذوف وقع حالا؛ أي: يتكبرون ملتبسين بغير الحق. انتهى.

وقال المراغي: {سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ ...} إلخ، أي: سأمنع (١) قلوب المتكبرين عن طاعتي وعلى الناس بغير حق، فهم الأدلة والحجج الدالة على عظمتي وعلى ما في شرائعي من هدى وسعادة لهم كما قال: {فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}. كما منعت فرعون وقومه عن فهم آيات موسى التي أوحيناها إليه، وقوله: {بِغَيْرِ الْحَقِّ}؛ أي: بتلبسهم بالباطل، وانغماسهم فيه، إذ لا قيمة للحق عندهم، فهم لا يبحثون عنه، ولا يطلبونه، وقد تظهر لهم آياته ويجحدونها، وهم بها موقنون، كما قال تعالى في قوم فرعون: {وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} ثم بين صفات المتكبرين وأحوالهم فقال:

١ - {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها}؛ أي: وإن يشاهدوا كل معجزة كفروا بكل واحدة منها، فهذه الجملة (٢) معطوفة على {يَتَكَبَّرُونَ} منتظمة معه في حكم الصلة، والمعنى: سأصرف عن آياتي المتكبرين التاركين للإيمان بما يرونه من الآيات، ويدخل تحت كل آية الآيات المنزلة، والآيات التكوينية والمعجزات، أي: لا يؤمنون بآية من الآيات كائنة ما كانت.

والمعنى (٣): أنّهم إذا رأوا الآيات التي تدل على الحق وتثبته ... لا يستفيدون منها فائدة ما، فلا يؤمنون بها؛ لأنّ كثرة الآيات وتعدد أنواعها إنّما تفيد من تكون نفسه تواقة لمعرفة الحق لكنه يجهل الوصول إليه، أو يشك في الطريق الموصلة إليه، لتعارض الأدلة لديه لخفاء دلالتها، أو لسوء فهمه لها، فإذا خفيت عليه دلالة بعضها .. فقد تظهر له دلالة غيره، فتنكشف الحقيقة واضحة أمامه، وتسفر له عن وجهها، وفي هذا إيماء إلى النبي صلى الله عليه وسلّم بأن الذين يقترحون


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.