للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليه الآيات من قومه لا يقصدون استبانة الحق وإيضاحه، بل يريدون إحداث الشغب والتعجيز، فإن هم أجيبوا إلى طلبهم لم يؤمنوا بما جئت به، وقرأ مالك بن دينار {وإن يروا} بضم الياء في الموضعين.

٢ - {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ}؛ أي: سبيل الهدى والبيان الذي جاء من الله تعالى: {لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا}؛ أي (١): لا يسلكوا سبيله؛ أي: وهم ينفرون من سبيل الهدى والرشاد، وهي السبيل المعبدة الواضحة، فإذا رأى أحدهم هذه السبيل لا يختارها لنفسه، ولا يفضلها على ما هو عليه من الغي، وهذا منتهى ما يكون من الطبع على القلب، والخروج عن جادة العقل، والفطرة، ومن الناس من يسلك هذه السبيل عن جهل، فإذا رأى لنفسه مخرجا منها ارعوى وتركها، واختار لنفسه سبيل الرشاد.

٣ - {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ}؛ أي: الضلال {يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا}؛ أي: يختارونه مسلكا لأنفسهم؛ أي: إنّهم إذا رأوا سبيل الغي والضلال ... هرعوا إليها، وخبوا فيها، وأوضعوا بما تزينه لهم أنفسهم من سلوكها، والسير فيها إلى آخر الحلبة، وهذه حال لهم شر من سابقتيها، وهؤلاء الذين اجتمعت لهم هذه الصفات هم الذين طبع الله على قلوبهم، وختم على سمعهم، وجعل على أبصارهم غشاوة، فسبيل الحق بغيضة إليهم، وطريقه مكروهة لديهم.

قال الشوكاني (٢): وجملة قوله: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} معطوفة على ما قبلها، داخلة في حكمها، وكذلك جملة قوله: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} المعنى: أنّهم إذا وجدوا سبيلا من سبل الرشد .. تركوه وتجنبوه، وإن رأوا سبيلا من سبل الغي .. سلكوه واختاروه لأنفسهم.

وقرأ حمزة والكسائي (٣): {الرَّشَد} بفتح الراء والشين، والباقون بضم الراء وسكون الشين. وروي عن ابن عامر بضمتين، وقال أبو عمرو بن العلاء


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراح والبحر المحيط.