للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والآيات الأولى هي البينات والدلائل، والثانية هي الآيات المنزلة من حيث اشتمالها على الهداية، وتزكية النفوس.

{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ} الحلي - بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء - جمع حلي، بفتح الحاء وسكون اللام وتخفيف الياء، كثدي وثدي، وأصله حلوي، اجتمعت الواو والياء، وسبقت الواو بالسكون، فقلبت ياء، وادغمت في الياء وكسرت اللام لأجل الياء {عِجْلًا} والعجل ولد البقر من العراب، أو الجواميس، كالحوار لولد الناقة، والمهر لولد الفرس {جَسَدًا} الجسد: الجثة، وبدن الإنسان، والشيء الأحمر كالذهب والزعفران والدم الجاف {لَهُ خُوارٌ} والخوار: صوت البقر، كالرغاء لصوت الإبل، والخور الضعف، ومنه أرض خوارة وريح خوارة، والخوران مجرى الروث، وصوت البهائم أيضا {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} وسقط (١) في يده، وأسقط في يده - بضم أولهما بالبناء للمفعول، أي: ندم ويقولون: فلان مسقوط في يده، وساقط في يده؛ أي: نادم.

قال في «العباب» و «تاج العروس» هذا نظم لم يسمع قبل القرآن، ولا عرفته العرب، وذكرت اليد لأنّ الندم يحدث في القلب، وأثره يظهر فيها بعضّها، أو الضرب بها على أختها، كما قال سبحانه في النادم: {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها}؛ لأنّ اليد هي الجارحة العظمى، وربما يسند إليها ما لم تباشره كقوله تعالى: {ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ}.

وقال الزمخشري (٢): {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ}؛ أي: ولما اشتد ندمهم؛ لأنّ من شأن من اشتد ندمه وحزنه أن يعض يده غما، فتصير يده مسقوطا فيها؛ لأن فاه قد وقع فيها؛ وقيل: من عادة النادم أن يطأطىء رأسه، ويضع ذقنه على يده معتمدا عليها ويصير على هيئة لو نزعت يده لسقط على وجهه، فكأن اليد مسقوط فيها، وفي بمعنى على، فمعنى {فِي أَيْدِيهِمْ} على أيديهم كقوله: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} وأعلم أن (سقط في يده) عده بعضهم في الأفعال التي لا تتصرف كنعم وبئس {أَسِفًا} الأسف (٣) الحزن والغضب.


(١) المراغي.
(٢) الفتوحات.
(٣) المراغي.