رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ} قال:(حقٌّ على من تعلّم القرآن، أن يكون فقيها، وذكر ابن أبي الحواريّ قال: أتينا فضيل بن عياض، سنة خمس وثمانين ومائة، ونحن جماعة، فوقفنا على الباب، فلم يأذن لنا بالدّخول، فقال بعض القوم: إن كان خارجا لشيء، فسيخرج لتلاوة القرآن، فأمرنا قارئا فقرأ، فاطّلع علينا من كوّة فقلنا: السلام عليك ورحمة الله، فقال: وعليكم السلام، فقلنا: كيف أنت يا أبا عليّ؟ كيف حالك؟ فقال: أنا من الله في عافية، ومنكم في أذى، وإنّ ما أنتم فيه حدث في الإسلام، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، ما هكذا كنّا نطلب العلم، ولكنّا كنّا نأتي المشيخة، فلا نرى أنفسنا أهلا للجلوس معهم، فنجلس دونهم ونسترق السّمع، فإذا مرّ الحديث سألناهم إعادته وقيّدناه، وأنتم تطلبون العلم بالجهل، وقد ضيّعتم كتاب الله، ولو طلبتم كتاب الله لوجدتم فيه شفاء لما تريدون، قال: قلنا قد تعلّمنا القرآن، قال: إنّ في تعلّمكم القرآن، شغلا لأعماركم، وأعمار أولادكم، قلنا: كيف يا أبا عليّ؟ قال: لن تعلموا القرآن، حتى تعرفوا إعرابه، ومحكمه من متشابهه، وناسخه من منسوخه، فإذا عرفتم ذلك استغنيتم عن كلام فضيل، وابن عيينة، ثمّ قال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: {يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨)}.
قلت: فإذا حصلت هذه المراتب لقارىء القرآن، كان ماهرا