الفوائد. {وَادْعُوا} أمر جماعة من دعا يدعو ناقص واويّ، فلما أسند الفعل إلى واو الجماعة التقى ساكنان، فأصله هنا: ادعووا بواوين، الأولى مضمومة وهي لام الكلمة، والثانية ساكنة وهي واو الجماعة، فاستثقلت الضمة على الواو الأولى، وحذفت الضمة فاجتمع ساكنان، فحذفت الواو الأولى التي هي لام الكلمة؛ لالتقاء الساكنين، وبقيت واو الجماعة؛ لأنها جىء بها لغرض، فلام الكلمة أولى بالحذف؛ لأنها جزء كلمة، وواو الجماعة كلمة مستقلة، فحذف جزء الكلمة أولى من حذف كلمة مستقلة؛ لما فيه من إجحاف الكلمة، فوزنه إفعوا.
{شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} والشهداء: جمع شهيد، كشرفاء جمع شريف، وعليم وعلماء، ولا يبعد أن يكون جمع شاهد، كشاعر وشعراء، وليس فعلاء مقيسا لباب فاعل، كما في «البحر» والشهيد الحاضر، أو الناصر، أو القائم بالشهادة، أو الإمام، وكأنه سمّي به؛ لأنه يحضر المجالس، وتبرم بمحضره الأمور ومعنى {دُونِ} أدنى مكان من الشيء، ومنه: تدوين الكتب؛ لأنه إدناء البعض من البعض، ودونك هذا؛ أي: خذه من أدنى مكان منك، ثم استعير للتفاوت في الرتب، فقيل: زيد دون عمرو؛ أي: في الشرف، ومنه: الشيء الدّون، ثم اتسع فيه، فاستعمل في كل تجاوز حد إلى حد، وتخطى أمر إلى أمر قال الله تعالى:{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}؛ أي: لا يتجاوزوا ولاية المؤمنين إلى ولاية الكافرين، وهي من الظروف المكانية الملازمة الحقيقية، أو المجازية، ولا يتصرف فيه بغير من، وتجىء دون صفة بمعنى: ردىء، يقال: ثوب دون؛ أي: ردىء. حكاه سيبويه في أحد قوليه. فعلى هذا يعرب بوجوه الإعراب ويكون مشتركا {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} والصدق يقابله الكذب وهو: مطابقة الخبر للمخبر عنه. {فَاتَّقُوا} أصله: اتقيوا، استثقلت الضمة على الياء التي هي لام الكلمة فحذفت، فالتقى ساكنان فحذفت الياء، ثم ضم ما قبلها؛ لمناسبة الواو {وَقُودُهَا} بفتح الواو وهو: ما توقد به النار من حطب، أو غيره. وأما بضمها فهو: مصدر وقد، وكذا يقال فيما جاء على هذا الوزن، كالوضوء والطّهور والسّحور، وهذه التفرقة على المشهور في أن المفتوح: اسم للآلة والمضموم مصدر، وبعضهم قال: كل من الضم والفتح يجري في الآلة