للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفعل، فحذفت الألف فصار اللفظ كنتم بفتح الكاف، فاحتيج إلى معرفة عين الفعل التي حذفت، هل هي واو أو ياء؟ فحذفت حركة فاء الفعل وعوض عنها حركة مجانسة للعين المحذوفة، وهي الضمة؛ لأنها تناسب الواو، فقيل: كنتم بوزن فلتم، وهكذا كل فعل من هذا النوع.

{فَأْتُوا} أصله: ائتيوا أمر من أتى الثلاثي يائيّ اللام اتصل به واو الجماعة، فوزنه الأصلي افعلوا، فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت، ثم حذفت الياء لمّا سكّنت؛ لالتقاء الساكنين على حد قول ابن مالك في «الكافية»:

إن ساكنان التقيا اكسر ما سبق ... وإن يكن لينا فحذفه استحق

ثم قلبت كسرة التاء ضمة، لتناسب الواو، ثم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بدخول الفاء؛ لأن الغرض منها التوصل إلى النطق بالساكن، وقد توصل إليه بالفاء فوزنه الآن إفعوا.

{بِسُورَةٍ} السورة: الطائفة من القرآن التي أقلها ثلاث آيات، ومن معانيها: المرتبة الرفيعة، قال النابغة الذبياني:

ألم تر أنّ الله أعطاك سورة ... ترى كلّ ملك دونها يتذبذب

وفي «البيضاوي» والسورة: الطائفة من القرآن المترجمة التي أقلها ثلاث آيات، وهي إن جعلت واوها أصلية منقولة من سور المدينة؛ لأنها محيطة بطائفة من القرآن مفرزة محوزة على حيالها، أو محتوية على أنواع من العلم احتواء سور المدينة على ما فيها، أو من السورة التي هي الرتبة؛ لأن السورة كالمنازل والمراتب، يترقى فيها القارىء، أو لها مراتب في الطول والقصر، والفضل والشرف، وثواب القراءة، وإن جعلت مبدلة من الهمزة فمن السؤر. التي هي البقية والقطعة من الشيء. والحكمة في تقطيع القرآن سورا: إفراد الأنواع، وتلاحق الأشكال، وتناسب النظم، وتنشيط القارىء، وتسهيل الحفظ والترغيب فيه، فإنه إذا ختم سورة نفّس ذلك عنه بعض كربة، كالمسافر إذا علم أنه قطع ميلا، أو طوى بريدا، والحافظ متى حفظها، اعتقد أنه أخذ من القرآن حظا تاما، وفاز بطائفة محدودة مستقلة، فعظم ذلك عنه، وابتهج به إلى غير ذلك من