والخلاصة: أن من قواعد الدين وفوائده اليسر وتجنب الحرج، وما يشق على الناس، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلّم:«ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما».
٢ - الأمر بالمعروف: وهو ما تعرفه النفس من الخير وتأنس به وتطمئن إليه، ولا شك أنّ هذا مبني على اعتبار عادات الأمة الحسنة، وما تتواطأ عليه من الأمور النافعة في مصالحها، وإجمال القول فيه: أنه اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله، والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس.
وقد ذكر المعروف في السور المدنية في الأحكام الشرعية العملية، كوصف الأمة الإسلامية وحكومتها كقوله:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ}، وقوله: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)}، وعند ذكر الحقوق الزوجية كقوله:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}، وفي أحكام الطلاق كقوله:{فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ}، وقوله:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}.
ومن ذلك ترى أن هذا اللفظ (المعروف) لم يذكر إلا في الأحكام الهامة، وأنّ المراد به ما هو معهود بين الناس في المعاملات والعادات، ولا شك أنّه يختلف باختلاف الشعوب والبلاد والأوقات، ومن ثم قال بعض الأئمة: المعروف ما يستحسن في العقل فعله، ولا تنكره العقول الصحيحة، ويكفي المسلمين المحافظة على النصوص الثابتة، إذ لا يمكن المؤمن أن يستنكر ما جاء عن الله ورسوله، وليكن للجماعة الإسلامية بعده رأي فيما يعرفون وينكرون، ويستحسنون ويستهجنون، ويكون عمدتهم في ذلك جمهور العقلاء، وأهل الفضل والأدب في كل عصر.
٣ - الإعراض عن الجاهلين: وهم السفهاء، بترك معاشرتهم، وعدم مماراتهم، ولا علاج للوقاية من أذاهم إلا الإعراض عنهم، وقد روي عن جعفر الصادق رحمه الله أنه قال: ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها.