للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعظمته وكبريائه وجلاله، وعن اتخاذ الولد والند والشريك، ولا يفعلون كما يفعل هؤلاء الذين اتخذوا من دون الله شفعاء وأندادا، يحبونهم كحبه {وَلَهُ} وحده سبحانه وتعالى، يصلون و {يَسْجُدُونَ}؛ فلا يشركون معه أحدا، فالواجب على كل مؤمن أن يجعل خواص الملائكة المقربين إليه تعالى من حملة عرشه، والحافين به أسوة حسنة له في صلاته وسجوده، وسائر عبادته.

فإن قلت (١): التسبيح والسجود داخلان في قوله تعالى: {لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ}؛ لأنّهما من جملة العبادة، فكيف أفردهما بالذكر؟

قلت: أخبر الله عز وجل عن حال الملائكة أنّهم خاضعون لعظمته لا يستكبرون عن عبادته، ثم أخبر عن صفة عبادتهم أنّهم يسبحونه وله يسجدون.

ولما كانت الأعمال تنقسم إلى قسمين، أعمال القلوب وأعمال الجوراح، وأعمال القلوب هي: تنزيه الله عن كل سوء وهو الاعتقاد القلبي عبر عنه بقوله {وَيُسَبِّحُونَهُ} وعبر عن أعمال الجوارح بقوله: {وَلَهُ يَسْجُدُونَ}.

وقد شرع الله سبحانه وتعالى لنا (٢) السجود عند تلاوة هذه الآية أو سماعها، إرغاما لمن أبى ذلك من المشركين، واقتداء بالملائكة المقربين، ومثلها آيات أخرى ستأتي في مواضعها، وقد كان صلى الله عليه وسلّم يقول في سجوده لذلك: «اللهم لك سجد سوادي، وبك آمن فؤادي، اللهم ارزقني علما ينفعي وعملا يرفعني» وفي سنن ابن ماجه عن ابن عباس أنّه صلى الله عليه وسلّم كان يقول في سجدة التلاوة: «اللهم احطط عني بها وزرا، واكتب لي بها أجرا، واجعلها لي عندك ذخرا».

وهذه السجدة (٣) من عزائم سجود القرآن، فيستحب للقارىء والمستمع أن يسجد عند قوله: {وَلَهُ يَسْجُدُونَ} ليوافق الملائكة المقربين في عباداتهم،


(١) الخازن.
(٢) المراغي.
(٣) الخازن.