قدمت المدينة، ولا علم لي بالقرآن، فسألت: من يقرئني؟ فأقرأني هذا (سورة براءة)، فقال: إنّ الله بريء من المشركين ورسوله، فقلت: أو قد برىء الله من رسوله؟ إن يكن الله برىء من رسوله، فأنا أبرأ منه، فقال عمر: ليس هكذا يا أعرابيّ! قال: فكيف هي يا أمير المؤمنين؟ قال:{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}، فقال الأعرابيّ: وأنا والله أبرأ ممّا برىء الله ورسوله منه، فأمر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن لا يقرىء الناس إلا عالم باللّغة، وأمر أبا الأسود فوضع النّحو.
وعن عليّ بن الجعد، قال: سمعت شعبة يقول: مثل صاحب الحديث الذي لا يعرف العربية؛ مثل الحمار عليه مخلاة لا علف فيها. وقال حماد بن سلمة: من طلب الحديث، ولم يتعلّم النّحو، أو قال العربية - فهو كمثل الحمار، تعلّق عليه مخلاة ليس فيها شعير. قال ابن عطيّة: إعراب القرآن أصل في الشريعة؛ لأنّ بذلك تقوم معانيه التي هي الشّرع. قال ابن الأنباري: وجاء عن أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم، وتابعيهم - رضوان الله تعالى عليهم - من الاحتجاج على غريب القرآن، ومشكله باللغة والشعر، ما بيّن صحّة مذهب النحويين في ذلك، وأوضح فساد مذاهب من أنكر ذلك عليهم.
من ذلك: ما حدّثنا عبيد بن عبد الواحد بن الشريف البزّاز، قال: حدّثنا ابن أبي مريم، قال: أنبأنا ابن فرّوخ، قال: أخبرني أسامة، قال: أخبرني عكرمة أنّ ابن عباس قال: (إذا سألتموني