والمعنى: إن كثيرًا من الأحبار والرهبان أشربت قلوبهم حب المال والجاه، فمن أجل حب المال أكلوا أموال الناس بالباطل، ومن أجل حب الجاه .. صدوا عن سبيل الله، فإنهم لو أقروا بصدق محمد - صلى الله عليه وسلم -، وصحة دينه .. لزمهم أن يتابعوه فيبطل حكمهم، وتزول حرمتهم، ومن ثم كانوا يبالغون في المنع من متابعته، وصد الناس عنه.
وأكل الأموال بالباطل: أخذها بغير حق شرعي، ويقع ذلك على صور مختلفة منها:
١ - أخذها رشوة لأجل الحكم، أو المساعدة على إبطال حق أو إحقاق باطل، ويقوم به صاحب السلطة الدينية أو المدنية، رسمية كانت، أو غير رسمية.
٢ - أخذها بالربا، وهو فاش عند اليهود وأحبارهم، يفتونهم بأكل الربا من غير الإسرائيليين، ويأكلونه معهم، مستحلين له بنص توارتهم المحرفة بدلًا من نهيهم عنه.
٣ - أخذ سدنة قبور الأنبياء والصالحين والمعابد التي بنيت بأسمائهم هدايا ونذورًا.
٤ - بذلها لمن يعتقدون فيهم الصلاح والزهد في الدنيا ليدعوا لهم ويشفعوا عند الله في قضاء حاجاتهم، وشفاء مرضاهم اعتقادًا منهم أن الله يستجيب دعاءهم ولا يرد شفاعتهم، أو لظنهم أن الله قد أعطاهم تصرفًا في الكون، يقضون به الحاجات، من دفع الضر عمن شاؤوا، وجلب الخير لمن أحبوا، وتأولها لهم الرؤساء الدينيون الضالون، وقالوا: إنها لا تنافي التوحيد الذي جاءت به الرسل.
٥ - أخذها جعلًا على مغفرة الذنوب، ويتوسلون إلى ذلك بما يسمونه سر الاعتراف، فيأتي الرجل أو المرأة لدى القسيس، أو الراهب الذي يأذن له الرئيس الأكبر بسماع أسرار الاعتراف ومغفرة الذنوب، فيخلو به أو بها، فيقص عليه الخاطىء ما عمل من الفواحش والمنكرات بأنواعها، لأجل أن يغفرها له، وهم