دار الله - التي لم ترها عين، ولم تخطر على قلب بشر، وهي مسكنه، ولا يسكنها معه من بني آدم غير ثلاثة، النبيين والصدقين والشهداء، يقول الله - عز وجل -: طوبى لمن دخلك"، هكذا رواه الطبري، فإن صحت هذه الرواية .. فلا بد من تأويلها، فقوله: "عدن داره"، يعني: دار الله، وهو من باب حذف المضاف، تقديره عدن دار أصفياء الله التي أعدها لأوليائه وأهل طاعته، والمقربين من عباده.
وعن أبي موسى الأشعري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن" أخرجه البخاري ومسلم.
وقال عبد الله بن مسعود:{عَدْنٍ} بطنان الجنة، يعني وسطها، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: إن في الجنة قصرًا، يقال له: عدن، حوله البروج والمروج، له خمسة الآف باب لا يدخله إلا نبيٌّ أو صديق أو شهيد، وقال عطاء بن السائب:{عَدْنٍ} نهر في الجنة خيامه على حافتيه، وقال مقاتل والكلبي: عدن: أعلى درجة في الجنة، فيها عين التسنيم، والجنان حولها محدقة بها، وهي مغطاة من حين خلقها الله تعالى حتى ينزلها أهلها، وهم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، ومن شاء الله، وفيها قصور الدر والياقوت والذهب، فتهب ريح طيبة من تحت العرش، فتدخل عليها كثبان المسك الأبيض.
قال الإمام فخر الدين الرازي: حاصل هذا الكلام: أن في جنان عدن قولين:
أحدهما: أنه اسم علم لموضع معين في الجنة، وهذه الأخبار والآثار تقوي هذا القول.
قال صاحب "الكشاف": و {عدن} علم بدليل قوله: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ}.