والقول الثاني: أنه صفة للجنة، قال الأزهري:{العدن} مأخوذ من قولك عدن بالمكان، إذا أقام يعدن عدونا، فبهذا الاشتقاق قالوا: الجنات كلها جنات عدن، انتهى من "الخازن".
وقوله سبحانه وتعالى:{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} جملة مستأنفة؛ أي: رضوان قليل يسير من الله الذي ينزله عليهم أكبر وأعلى وأفضل من ذلك النعيم المقيم كله الذي أعطاهم إياه، وفيه دليل على أنه لا شيء من النعم وإن جلت وعظمت يماثل رضوان الله سبحانه، وإن أدنى رضوان منه لا يساويه شيء من اللذات الجسمانية، وإن كانت على غاية ليس وراءها غاية، اللهم ارض عنا رضًا لا سخط بعده، ولا يكدره نكد، يا من بيده الخير كله. وقرأ الأعمش:{ورضوان} بضمتين، قال صاحب "اللوامع" وهي: لغة. اهـ "البحر".
{ذَلِكَ} المذكور من الأمور الثلاثة، من الجنات التي تجري من تحتها الأنهار، ومن المساكن الطيبة، من الرضوان الأكبر {هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} والظفر الجسيم، لا ما يطلبه المنافقون والكفار، من التنعم بطيبات الدنيا، وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال:"إنَّ الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير كله في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك، فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون أي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول أحلُّ عليكم رضواني فلا أسخط بعده عليكم أبدًا" متفق عليه.