للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأخبره الله تعالى بما دبروه، فلما وصل إلى العقبة التي بين تبوك والمدينة .. نادى مناديه بأمره، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يسلك العقبة فلا يسلكها أحد غيره، واسلكوا يا معشر الجيش بطن الوادي، فإن أسهل لكم وأوسع، فسلك الناس بطن الوادي وسلك النبي - صلى الله عليه وسلم - العقبة، وكان ذلك في ليلة مظلمة، فجاء المنافقون وتلثموا وسلكوا العقبة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم -، قد أمر عمار بن ياسر أن يأخذ بزمام ناقته ويقودها، وأمر حذيفة أن يسوقها من خلفها، فبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يسير في العقبة .. إذ زحمه المنافقون، فنفرت ناقته حتى سقط بعض متاعه، فصرخ بهم، فولوا مدبرين وعلموا أنه اطلع على مكرهم، فانحطوا من العقبة مسرعين إلى بطن الوادي، واختلطوا بالناس، فصار حذيفة يضرب الناقة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل عرفت أحد منهم؟ " قال: لا فإنهم كانوا متلثمين، والليلة مظلمة، قال: "هل علمت مرادها؟ "، قال: لا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنهم مكروا، وأرادوا أن يسيروا معي في العقبة، فيزحمونني عنها، وإنّ الله أخبرني بهم وبمكرهم" فلما أصبح .. جمعهم، وأخبرهم بما مكروا به، فحلفوا بالله ما قالوا بتكذيب النبي - صلى الله عليه وسلم - ونسبته إلى التصنع في ادعاء الرسالة، ولا أرادوا فتكه، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قالوا: أولا تأمرنا بهم يا رسول الله، إذًا فنضرب أعناقهم؟ قال: "أكره أن يتحدث الناس ويقولوا: إن محمدًا قد وضع يده في أصحابه "فسماهم لهما، وقال: "اكتماهم".

والصحيح (١) في عددهم: ما رواه مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "في أمتي اثنا عشر منافقًا، لا يدخلون الجنة، ولا يجدون ريحا، حتى يلج الجمل في سم الخياط. ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة - خراج ودمل كبير يظهر في الجوف، يقتل صاحبه كثيرًا - سراجٌ من النار يظهر في أكتافهم، حتى ينجم من صدورهم؛ أي: كأنه سراج من النار.


(١) المراغي.