للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله: {إنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ} للتعليل؛ والفاء في قوله: {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} لتفريع ما بعدها على ما قبلها.

والمعنى (١): لن تخرجوا معي أبدًا، ولن تقاتلوا عدوًّا؛ لأنكم رضيتم لأنفسكم بخزي العقود والتخلف أول مرة دعيتم فيها إلى الخروج، إذ طلب إليكم أن تنفروا، فلم تنفروا، وعصيتم الله ورسوله، فاقعدوا أبدًا مع الذين تخلفوا عن النفر، من الأشرار المفسدين، الذين خرجوا عن سبيل المهتدين، وربما كان المراد بالمخالفين الصبيان والعجزة والنساء، كما مرَّ آنفًا.

والخالفين (٢) جمع خالف، كأنهم خلفوا الخارجين، والمراد بهم: من تخلَّف عن الخروج، وقيل: المعنى: فاقعدوا مع الفاسدين من قولهم: فلان خالف أهل بيته، إذا كان فاسدًا فيهم، من قولك: خلف اللبن، إذا فسد بطول المكث في السقاء، ذكر معناه الأصمعيُّ، وقرأ (٣) مالك بن دينار وعكرمة مع {الْخَالِفِينَ}، وهو مقصورٌ من الخالفين.

وفي الآية (٤): دليلٌ على أن الرجل إذا ظهر منه مكروه، وخداع وبدعة .. يجب الانقطاع عنه، وترك مصاحبته؛ لأن الله سبحانه وتعالى منع المنافقين من الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجهاد، وهو مشعر بإظهار نفاقهم، وذمهم وطردهم، وإبعادهم لما علم من مكرهم وخداعهم إذا خرجوا إلى الغزوات.

الإعراب

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣)}.

{يَا أَيُّهَا} {يَا} حرف نداء {أَيُّ} منادى نكرة مقصودة، و {الهاء} حرف تنبيه زائد، تعويضًا عمَّا فات {أَيُّ} من الإضافة {النَّبِيُّ} صفة لـ {أَيُّ} وجملة


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٣) البحر المحيط.
(٤) الخازن.