هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بيَّن أنَّ المنافقين عملوا الحيل، والتمسوا المعاذير للتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والقعود عن الغزو .. أردف ذلك بأن أبان أنه إذا أنزلت سورة فيها أمر بالإيمان والجهاد مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - .. استأذن أولو الثروة والقدرة منهم في التخلف عن الغزو، وقالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعنا نكن مع الضعفاء والزَّمنى العاجزين عن القتال.
قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لمَّا قبلها: أنَّ أنه سبحانه تعالى لمَّا ذكر فيما سبق المعذورين، والذين كذبوا الله ورسوله، وذكر وعيدهم على سوء صنيعهم. أردف ذلك بذكر أصنافٍ ثلاثةٍ، أعذارها مقبولةٌ، ثم أردف هذا بذكر شر الأعذار، وهو استئذان الأغنياء.
أسباب النزول
قوله تعالى:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا ...} سبب نزوله: ما روي عن ابن عمر، قال لما توفي عبد الله بن أبي بن سلول .. جاء ابنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه إياه فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام ليصلي، فقام عمر بن الخطاب، فأخذ بثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: يا رسول الله، أتصلي عليه، وقد نهاك ربك، أن تصلي على المنافقين؟ قال: "إنما قد خيرني الله، فقال:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً}. فقال عمر: إنه منافق فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} فترك الصلاة عليهم، وروي ذلك من حديث عمر وأنس وجابر وغيرهم.
قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ ...} الآية؛ سبب نزولها: ما أخرجه ابن أبي حاتم عن زيد بن ثابت قال: كنت أكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكنت أكتب براءة، فإني لواضع القلم على أذني، إذا أمرنا بالقتال، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر ما ينزل عليه، إذ جاءه أعمى، فقال: كيف بي يا رسول الله، وأنا أعمى؟ فنزلت {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ ...} الآية، وأخرج عن طريق العوفي عن ابن عباس، قال: