للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والإيمان {الْأَوَّلُونَ} في الهجرة، والنصرة حالة كونهم، {مِنَ الْمُهَاجِرِينَ}؛ أي: من الذين هاجروا من مكة إلى المدينة، {و} حالة كونهم من، {الأنصار}؛ أي: من الذين نصروا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وآووه، وهم أهل المدينة، من الأوس والخزرج، {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ}؛ أي: والذين اتبعوا السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، في الهجرة والنصرة حالة كونهم ملتبسين، {بِإِحْسَانٍ}؛ أي: بعمل صالح ونية صادقة، قيل: هم بقية المهاجرين والأنصار، سوى السابقين الأولين، فعلى هذا القول، يكون الجميع من الصحابة. وقيل: هم الذين سلكوا سبيل المهاجرين والأنصار، في الإيمان والهجرة والنصرة إلى يوم القيامة، وخبر المبتدأ، قوله: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ}؛ أي: أكرمهم الله تعالى بقبول طاعاتهم، وأعمالهم الحسنة، {وَرَضُوا عَنْهُ} سبحانه وتعالى، بما أفاض عليهم من نعمه الدينية والدنيوية.

واختلف العلماء (١) في السابقين الأولين من المهاجرين. قيل: هم الذين صلوا إلى القبلتين، وهو قول سعيد بن المسيب وطائفة. وقيل: هم الذين شهدوا بيعة الرضوان، وهي بيعة الحديبية، وهو قول: الشعبي، أو هم الذين شهدوا بدرًا، وهو قول محمَّد بن كعب وعطاء بن يسار. ولا مانع من حمل الآية على هذه الأصناف كلها. قال أبو منصور البغدادي: أجمع أصحابنا على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة، ثم الستة الباقون منهم، ثم البدريون، ثم أصحاب أُحُدْ ثمَّ أهل بيعة الرضوان بالحديبية.

وأما السابقون من الأنصار (٢): فهم الذين بايعوا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ليلة العقبة الأولى، وكانوا ستة أنفار، ثم أصحاب العقبة الثانية من العام المقبل، وكانوا اثني عشر رجلًا، ثم أصحاب العقبة الثالثة، وكانوا سبعين رجلًا، فهؤلاء سباق الأنصار. ثم بعث رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، مصعب بن عمير إلى أهل المدينة، يعلمهم القرآن. فأسلم على يده خلق كثير، من الرجال والنساء والصبيان من أهل المدينة، وذلك قبل أن يهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة.


(١) الشوكاني.
(٢) الخازن.